يذكر لنا التاريخ؛ إحداث لها مرارة في النفوس، لأن الإنسان مهما يحمل من صفات سلبية، تجاه الآخرين، لابد أن يقف إمام القبور باحترام، لأنها حالة تعبر عن الإنسانية، والرمزية للميت، فضلا عن أن روحه في ذمة الخالق، فلا يجوز التعدي عليه، وهذه قيمة معنوية كبيرة عند الباري وعند أهله، وكما قال: سيد الكائنات محمد (صلواته تعالى عليه وعلى آله) في حجة الوداع ” إن حرمة الجسد ميتا كحرمته حيا”، نقله البخاري ج1 ص 24وج2 ص191 وكذلك مسلم (1679ج3) وج3 1306أنتهى.
في عام (1344ّّللهجرة) وفي يوم 8 شوال، قام آل سعود بهدم قبور الأئمة في البقيع، بعد ذهاب قاضي قضاة الوهابين (سليمان بن بليهد) مستفتيا علماء المدينة، آنذاك، وتحت الترهيب والترغيب، بحرمة البناء على القبور، وتأيدا لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء، أصبح للحكومة الأمر مشروعا ومبررا لهدم قبور الأئمة (عليهم السلام) فهدموها وسووها بالأرض، وشوهوا كل المعالم وجعلوها عرضة لوطئ الإقدام، ونٌهب كل شيء من فرش وهدايا وآثار قيمة وقديمة من ذلك المزار الشريف.
طيلة فترة التاريخ الإسلامي لا توجد فتوة تمنع البناء على القبور، ولا أعلم من أين جاء هولاء العلماء بتلك الفتوة؟ وعلى إي شيء استندوا! لكن يبدو الرغبة في ضياع تاريخ الإسلام، ونشر التفرقة، والفتن بين المسلمين، وتكفير بعضهم بعض، فيه أبعاد وتخطيط للمستقبل؛ الذي نشهده اليوم، من علماء الفسق والفجور الوهابي، ألم تكن قبور الشهداء والصحابة؟ مزارات يقصدها المؤمنون وموثقة تاريخا، ومنهم مسجد حمزة عليه السلام في المدينة، ومزاره معروف منذ البداية، وغيرها من المزارات الشريفة.
القرآن الكريم؛ يعظم المؤمنين، ويكرم الصالحين بالبناء على قبورهم، وهذا الأمر شاع بين الأمم السابقة، فيذكر الكتاب الكريم؛ أهل الكهف، عندما تم كشف أمرهم بعد ثلاثمائة وتسع سنين، وانتشر خبر توحيدهم، الذين تغلبوا به على الكفر، بإرادة إلهية، تقف عندها العقول بذهول، فبعد الانقسام فيما بين الناس، والتنازع الذي جعلهم فريقين، فقسم منهم يقول: {…ابْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً…} تخليدا لذكراهم، فأن ربهم أعلم بهم، وهذا هو قول الكفار.
كما ذكر القرآن الكريم؛ المؤمنين، الذين تطابقت أرادتهم بالإرادة الإلهية لينتصروا فيما بعد، وكان رأيهم مسدد من الباري، ودعوا إلى بناء مسجد على الكهف، ليكون مركز لعبادته سبحانه وتعالى، فلو كان بناء القبور على الصالحين علامة للشرك، لماذا ذكرهم الباري وأيدهم من خلال الآية الكريمة: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً}، وهذا دليل واضح على صحة هذا الاقتراح، والحجة الرادعة، والمشروعية، في بناء المساجد على قبور الأولياء والصالحين.
على مرً التاريخ؛ هناك تخليد للعظماء والملوك، والخالدين، فما بالك بذرية أطهر الخلق وأهل بيته، (صلواته تعالى عليهم أجمعين) الذين أذهب الل عنهم الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيرا، لكن أمر المدينة، بيد حكام ينفذون أوامر أسيادهم، من اليهود والصهاينة.
في الختام؛ آل سعود، مشروع لتهديم الإسلام، بدأ من المدينة، واليوم وصل إلى بيوت اليمن فتبا لهم كما قال الشاعر:.
تبا لأحقاد اليهود بما جنوا… لم يكسبوا من ذلك ألا العارا
هتكوا حريم محمد في آله… يا ويلهم قد خالفوا الجبارا
هدموا قبور الصالحين بحقدهم… بعٌدا لهم قد غصبوا المختارا.