2 ديسمبر، 2024 6:55 م
Search
Close this search box.

سيناريو سقوط الموصل يتكرر في حلب وبداية النهاية لنظرية الهلال الشيعي الإيراني

سيناريو سقوط الموصل يتكرر في حلب وبداية النهاية لنظرية الهلال الشيعي الإيراني

سقوط محافظة حلب العاصمة الاقتصادية المهمة لسوريا بهذه السرعة وفي اقل من اربع وعشرين ساعة, وهروب معظم قيادات ومراتب الجيش ومنتسبي الاجهزة الامنية ومخابرات القوة الجوية وترك خلفهم أكداس للعتاد والسلاح , ومختلف أنواع المعدات العسكرية , إمام بضع مئات من مقاتلين الفصائل والأحزاب المعارضة المسلحة وبمختلف تسمياتهم وعناوينهم , كل هذا يذكرنا بمأساة سيناريو سقوط محافظة الموصل بيد تنظيم داعش الإرهابي , الذي وصف في حينها , بأنه لم يكن قتال شاركت فيه فرق عسكرية مدججة بالسلاح والعتاد الحربي المتطور وبأحدث الدبابات , امام بضع مئات من مقاتلين كان تسليحهم مجرد سلاح خفيف ومتوسط , ويوصف بأنه كان أشبه بعملية “استلام وتسليم مفاتيح المدينة” حيث لم تطلق هذا الفرق والالوية والكتائب العسكرية المدججة أي إطلاقة أو هجوم مقابل لغرض صد هؤلاء , وإنما اكتفت ضباط واركان القيادات العليا لوزارة الدفاع والداخلية من الهروب تجاه المناطق الشمالية , وترك جنودهم يصارعون بين الحياة والموت ,وكانت نتيجتها بعد أيام حدوث مجزرة قاعدة سبايكر الجوية.

لقد استطاعت فصائل المعارضة السورية بواسطة هجومها المباغت والمفاجئ قبل أيام ,ومن دون سابق إنذار ,من إعادة صياغة قوانين اللعبة الجغرافية والعسكرية ونفوذها الذي فقدته قبل حوالي عشر سنوات والاستفادة من مبدأ استغلال الفرصة المتاحة والتي قد لا تعوض ,ووفق مفاهيم وتطورات ما حدث قريبًا في شروط وقف إطلاق بين إسرائيل وحزب الله اللبناني , وضعف الأخير وعدم قدرته على مواصلة القتال كما كان في السابق عندما شارك مقاتليه بفعالية مع الجيش السوري لصد هجمات الفصائل المعارضة , ولكن اليوم يختلف عن البارحة ,وذلك بالاستفادة من إعادة الصياغة التي كانت تندرج سابقآ ضمن حدود خريطة مسار ما تم الاتفاق عليه بمؤتمر “أستانة” في عام 2019 وبحضور زعماء كل من إيران وتركيا وروسيا والتي استطاعت اليوم هذه الفصائل من استعادة معظم المناطق التي خسرتها خلال معارك عام 2015.

ومع أنّ أن محافظة حلب كانت توجد فيها القوات العسكرية النظامية ومن مختلف صنوف الأسلحة بالإضافة إلى الدعم الذي كان خارج المحافظة , ومن خلال تواجد معسكرات مجموعات مسلحة عراقية متمثلة ببعض فصائل “الحشد الشعبي” ولواء “فاطميون الأفغاني” ولواء “زينبيون الباكستاني” وما تبقى من مقاتلين حزب الله اللبناني كلهم مجتمعين لم يستطيعوا ان يصدوا هذا الهجوم , مما يعزز قناعة كانت مبهمة ومشوشة في السابق ولكن ترسخت اليوم , بأن هؤلاء معظمهم أن لم نقل جميعهم , لا يقاتلون انطلاقًا من عقيدة شيعية لنصرة المذهب والطائفة يؤمنون بها , وإنما بالاستفادة من مقدار ما يحصلون عليه من أموال و رواتب وامتيازات مادية وعينية مثلآ إقامات دائمية وقطع اراضي تمنح لهم و لعوائلهم وفي مقابل الحفاظ والتمسك والثبات بالمواقع العسكرية والأراضي التي يسيطرون عليها , وإلا إذا كانوا يؤمنون بعقيدة إيمانية راسخة ومتجذرة في وجدانهم لنصرة المذهب والعقيدة الدينية , لكانوا اليوم نراهم يقاتلون بشراسة فصائل المعارضة السورية ويمنعونهم من الدخول والسيطرة على كامل محافظة حلب والمناطق والمدن التي حولها , حيث ما تزال هذه الفصائل المعارضة يتقدمون للسيطرة على المزيد من الاراضي والمدن والقرى , ولا يعتقد أنهم سيتوقفون إلا على أبواب العاصمة دمشق وإسقاطها بيدهم وإنهاء الحكم العلوي؟ إلا إذا تدخلت بقوة إيران وروسيا بواسطة نقل مقاتليهم لغرض صد الهجوم , وعدم سقوط العاصمة دمشق حتى بدخول فصائل وأحزاب وكتائب الحشد الشعبي للقتال بجانب الحكومة السورية والحفاظ قدر الإمكان على نظام الرئيس “بشار الأسد” أو على الأقل القبول واستبداله باخيه “ماهر الأسد” الذي يوصف الاخير بان له طموح سياسي وعسكري بإزاحة أخيه عن سدة الحكم والجلوس مكانه.

سيطرة فصائل وأحزاب المعارضة السورية المسلحة على مناطق ومدن وبلدات وما تزال مستمرة لغاية ألان بهذه الصورة المتسارعة, ينذر بتشكيل صورة قد تكون بداية النهاية لسقوط نظرية “الهلال الشيعي” ذلك التحالف الجغرافي والسياسي والاقتصادي الذي أنشأته ومولته وسلحته إيران الذي يمتد عبر العراق وسوريا لغاية لبنان ومنفذها على البحر الأبيض المتوسط, مما يظهر الطموحات الإيرانية في تعزيز نفوذها الإقليمي الاستراتيجي على المدى البعيد وتوسيع دائرة تأثيرها على دول المنطقة انطلاقًا من دعم شبكة الفصائل والحركات والأحزاب الشيعية في هذه الدول.

صحيح أن إيران تعتبر نفسها الزعيمة لهذه الشبكة الشيعية , وكجزء من سياستها الخارجية لتعزيز مكانتها كقوة إقليمية رائدة في العالم الإسلامي سواء عبر دعم وترسيخ نفوذها السياسي والعسكري واستخدام المذهب لترسيخ عقيدتها الدينية في عقول أتباعها مع أنّ أن دول المنطقة تعتبر هذا النفوذ المتزايد وترسيخ مفهوم مصطلح “الهلال الشيعي” وخصوصًا في ظل الصراعات في الشرق الأوسط , قد يراه البعض تهديدًا معتبرا يجب اضعافه قدر الإمكان لصالح توازن القوى الإقليمي أو تدخلاً في الشؤون الداخلية لدول المنطقة , مما يشكل تهديدا مباشرا للسلم الأهلي لدول المنطقة .

قرار الرئيس “بشار الأسد” بالنأي عن النفس وعدم الانجرار إلى دعم مبدأ “وحدة الساحات” والحرب على غزة وفتح جبهة الجولان وحسب ما كانت تطمح إليه إيران وتخطط له, والوقوف بصفة المتفرج على ما حدث من قتال بين حزب الله وإسرائيل قد اتى متاخرا بعض الشيء, وإن كان أحد أسبابه الرئيسية محاولة إضعاف النفوذ الإيراني قدر الامكان وبدعم من روسيا على الساحة السياسية والاقتصادية في سوريا , بعد أن بلغت مرحلة متقدمة جدآ هذا النفوذ والذي ذهب الى حد بالتدخل في تشكيل الحكومة السورية , مما أزعج في حينها القيادة الروسية التي تنظر إلى النفوذ الايراني منافس لها , وقد تم ترجم هذا الصراع الخفي بواسطة الدعم العسكري والسياسي والمعنوي الذي يلقيه كل من الفرقة الرابعة بقيادة “ماهر الأسد” المدعوم من الحرس الثوري الإيراني بمقابل قيادة الفرقة الخامسة التابعة للنظام و المؤيدة لروسيا.

وأخيرآ وليس آخرآ على الحكومة العراقية أن تثبت اليوم وليس غدآ بأن تنأى عن محاولة إشراك فصائل وكتائب والأحزاب المنضوية تحت قيادة الحشد الشعبي في الحرب الأهلية السورية التي بدأت ثانية قبل أيام , لأنها سوف يعتبرها السوريين مجرد قوات احتلال , و ان تقف الحكومة العراقية بحزم وشدة في مواجهة اي ضغوط سياسية قد تمارس عليها , وحتى ابتزاز سواء من قبل القيادة الايرانية أو من قبل الفصائل والأحزاب والكتائب المسلحة الولائية , ويكون قرار السلم والحرب بيد الحكومة وليس بيد جهات خارجية.

التخوف حاليآ يتمثل بأن تضطر معها قوات الجيش العربي السوري وبدعم من إيران كما حدث سابقآ في بداية الحرب الأهلية , إلى استخدام السلاح الكيمياوي بواسطة ضربات جوية أو حتى بواسطة الطيران الموجه المسير إذا اقتربت فصائل المعارضة من أبواب دمشق , مما سوف ينعكس بصورة سلبية , والتي قد تنجر معها إلى إدانات دولية وفرض عقوبات إضافية تكون صارمة ومؤثرة أكثر من السابق ومما قد يعجل بسقوط دمشق وإنشاء حكم جديد يتماشى مع مفاهيم ومخططات القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل , وهذا ما ينعكس إيجابيا على بداية لصورة تشكيل الشرق الأوسط الجديد .

[email protected]

أحدث المقالات