المالكي قدم تنازلات كثيرة للمتظاهرين في الفلوجة والموصل ، اخرها هي شمول السجينات العراقيات بالعفو الخاص ، وكذلك عدم اعتماد المخبر السري ، واطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين … وكل هذه التنازلات هي مطالب لهؤلاء المتظاهرين ، لكن بنفس الوقت ما زلنا نشهد وتيرة متصاعدة لحدة التظاهرات ، ووصلت الامور الى تصور مخيف لكل العراقيين الذين بدأوا يفكرون بامور لم يفكروا بها منذ عام 2008 وهو عام انتهاء الحرب الطائفية التي اكلت الحرث والنسل .
اما على الصعيد السياسي ، فان التظاهرات فرصة /جهنمية/ لمعارضي المالكي واخص منهم القائمة العراقية ، التي رمت بكامل ثقلها على التظاهرات ، واول ما قامت به هي رفع سقوف المطالب ، لتكون مزيج ما هو شعبي يلبي مطالب المتظاهرين وما هو سياسي لاسقاط حكومة المالكي ، وقد نجحوا بخطوة كانت بعيدة عن منالهم في السابق وتحققت اليوم ، وهي تحديد ولاية رئيس الوزراء بولايتين فقط .
هذا الوضع يؤكد بان مطالب المتظاهرين التي قسم منها مشروعة (بغض النظر عن ما جرى في التظاهرات ومن تصريحات استفزازية ) ، بان هذه التظاهرات استخدمت من قبل السياسيين ، واصبحت مبررا وفرصة لاسقاط المالكي الذي فيما يبدو لم يعينه في ازمته الاقربون ومنهم بعض القوى في التحالف الوطني الذين صوتوا على تحديد ولايته ، بعد ان كان ضامنا لفترة رئاسية ثالثة في ظل شعوره بالتفوق وازدياد شعبيته .
الا ان اجراءات المالكي لمواجهة خصومه السياسيين ، لا اعتقد انها ستكون فعالة ، مثل قيامه باستبدال وزراء العراقية الذين علقوا حضور جلسات مجلس الوزراء تضامنا مع طلب قائمتهم المعارضة للحكومة ، اذ ان هذه الاجراءات ليست اكثر من كونها رسالة للطرف الاخر بانه ما زال قويا ويملك بعض الاوراق التي يمكن ان يلعب بها وان يواجه به خصومه السياسيين .
لكن بنفس الوقت ، ان بقاء الحال كما هو عليه ، سيبقي دائرة الصراع مغلقة على هذا الشكل من التداعيات ولم يحركها او يصعد منها كما تريد /العراقية/ ، لهذا فان اعضائها يحاولون اخراج هذه التداعيات من الدائرة العراقية وتدويلها ، الى ان تصل بحالة شبيهة بالحالة الموجودة في سوريا .
وهذا السيناريو لو حصل ، فان الامور سوف تخرج من دائرة المألوف ، وسيتجه العراق الى التقسيم لا محالة ، لاسيما بان هذا الخيار استفز ذهنية البعض /سنة وشيعة/ ، وبكل الاحوال لن يمر بهذه السهولة الا لو مر بحرب طائفية لا سامح الله .
في حال تدويل القضية العراقية ، فان السيناريو الذي يلوح بالافق هو تدخل الامم المتحدة ، ووضع موطئ قدم لها في العراق لعدة سنوات ، ثم التوصل الى نتيجة بضرورة تقسيم العراق ، وهذا هو مشروع بايدن /الخسيس/ بعينه . وهذا هو من يريده البعض ، فهل يقبل الشعب العراقي بهذا ؟
الغريب ان الجميع يؤكد على وحدة العراق ، في حين الحقيقة تفرض نفسها ان الكثير من يؤكد على وحدة العراق يسعى الى تقسيمه … لك الله يا عراق