لا أكتمكم سرا ، بأني استقبلت خبر الأنقلاب العسكري في تركيا بأرتياح ، شأني شأن جميع العراقيين والسوريين لما جرت علينا السياسة الخارجية لأردوغان ، وتدخلاته التي جرت علينا الويلات ، بالأضافة الى علاقته بداعش التي لا تحتاج الى أي دليل ، كونه راعي الفكر الأخواني في هذه المنطقة ، ومنها أحتفاظه بقوة عسكرية تركية في منطقة (بعشيقة) ، و(بنص الدواعش) ، وهم يتعايشون معا بوئام وسلام ، رغما عن أنف الحكومة ، وأن كانت لا تمتلك الحدود الدنيا من الهيبة اوالسيادة ، وتعصف بها الفوضى والأزمات الأمنية ، وأفلاس تام غير معلن ! ، والرجل لا يكف عن لعب دور الرئة لداعش ، والا لسقط هذا التنظيم منذ زمن بعيد ، بحيث أعتقدت أن داعش سيسقط دون قتال في حال نجاح الأنقلاب !.ثم حدث ما حدث ، وانتهى الأنقلاب بالفشل ، وظهرت الكثير من التحليلات ، منها الرواية الرسمية عن تورط الداعية الأسلامي المعارض (فتح الله غولن) ، وهو صاحب المدرسة العلمانية في الدين ، والتعايش بين الأديان ، والتي تتمتع بسمعة طيبة هناك ، والذي نأى بنفسه مرارا عن هذا الأنقلاب .لكني أميل الى تحليل بعض الصحف الأمريكية ، من أن هذا الأنقلاب قد أفتعلته حكومة أردوغان للحصول على المكاسب التالية :
1.أن الأنقلاب المزعوم لم يكن متماسكا ، ولم يحتل الأنقلابيون المرافق الأساسية العسكرية منها والأستراتيجية ، منها قاعدة (أنجرليك) المهمة تركياً وشرق أوسطياً ، ولم يستقطب ضباط الحل والعقد في الجيش ، وبدا مليئا بالثغرات وغير مدروس وضعيف ومُرتجَل ، ولم يقدّر أبسط العواقب ، ولا يمتلك خطة بديلة ، والذي قاد الأنقلاب ، أما غير مهني وقصير النظر أو غبي (وهذا غير ممكن) ، هكذا رأينا مئات الجنود الأتراك المستسلمون يساقون بأهانة وكأنهم أسرى في عقر دارهم !.
2.أن أردوغان أعلن قبل الأنقلاب بساعة ، أن ثمة أنقلاب يتم التحضير له ! ، وأعتقد انها اشارة رمزية لمريديه لغرض التهيّؤ ثم النزول للشوارع بأيعاز لاحق ، وهذا ما حصل ، مع تهيئة الجهات الدينية الموالية له ، كالجوامع ، التي بدأت بالتكبير استنكارا للأنقلاب ، ثم حصد فتاوي (وعّاظه) بتحريم الأنقلاب على السلطة !.
3.انها فرصة ذهبية للتخلص من الجنرالات الصقور في الجيش ، على حد قوله من أن محاولة الأنقلاب رحمة الهية لتطهير الجيش !، خصوصا وأن أردوغان طالما كانت له عينا لا ترف على الجيش منذ سنوات ، وكان لا يدخر وسعا من أعتقال الكثير من الجنرالات ، بتهمة السعي للأنقلاب .
4.السعي للقبض على المعارض الأسلامي (فتح الله غولن) ، اللاجئ في الولايات المتحدة ، من خلال خلق مبرر لتجريمه بتهمة قيادته للأنقلاب ، اعتقادا من أردوغان ، أن أمريكا ستهبه لتركيا على طبق من ذهب من خلال مطالبته لأمريكا بتسليمه أياه ، وهذا يتنافى تماما مع تاريخ الجيش التركي المعروف عنه برعايته للعلمانية التركية وانقلاباته على الحكومات ذات التوجّه الأسلامي ، فكيف يقوده داعية اسلاميا يقع تحت نظر وسمع المخابرات الأمريكية ، دون أن تصدر تحذيرا لتركيا الصديقة لها ؟!.
5.التخلص من جميع القضاة من غير الموالين له ، والذين يحققون بعمليات اغتيال الصحفيين والأكراد وحتى التفجيرات ، وغير ذلك من القضايا ، هكذا تم اعفاء 2700 قاضيا ، في خطوة تبدو وكأن أردوغان كان ينتظرها !.
6. أن أردوغان كان في (انقرة) ساعة وقوع الأنقلاب ، وكان الأجدر بالأنقلابيين القاء القبض عليه أولا ، أو أجبار طائرته على الهبوط وهو يتحرك من أنقرة الى اسطنبول حسب زعمه ، وقد مُنعت طائرته من الهبوط في اسطنبول ، فاضطر للهبوط في قاعدة (أنجرليك) ، ومن هناك طارت طائرات F-16 ، ولا نعلم هل هي أمريكية أم تركية ، وذلك لا يهم فالنتيجة واحدة ، لتقوم بقصف الدبابات واسقاط الطائرات المروحية للأنقلابيين ، تضحية صغيرة ، للحصول على مكسب هائل ! ، هكذا أثبت الرجل انه يلعب على عدة حبال بآن واحد !.
7.أظهاره أمام الجيش ، وخصومه السياسيين ، بأنه الرجل الذي لا يُقهر ، وأن لديه قاعدة شعبية عريضة .
ومن المثير للأهتمام ، تلك المداخلة على الفيسبوك من قبل السيد وفيق السامرائي بتاريخ 14 تموز ، وبالذات في الساعة 6:33 مساءً، أي قبل الأنقلاب التركي بأكثر من 24 ساعة ، وهو يرثي حال الأستعراض العسكري للجيش العراقي ، الموضوع الذي أؤيده فيه جملة وتفصيلا ، وقد تطرق الى عبارة (الأنقلاب التركي الأضطراري) !.