18 ديسمبر، 2024 10:40 م

سيكولوجية وقيادة خميس الخنجر

سيكولوجية وقيادة خميس الخنجر

منحنيات التغيير في التوجهات التكتيكية السياسية من السمات الميكانيزمية للقيادات السياسية في رؤية حيوية للأزمنة وعلاقاتها الترابطية لتحديد الأهداف والاولويات مع امكانية ارتكاب اخطاء تكتيكية ، تحوّل في بعض مفترقاتها بعض الاهداف الستراتيجية.
قبل ان يظهر الشيخ خميس الخنجر الى الواجهة العلنية الداخلية في اللوحة السياسية العراقية كان يمارس دور الزعيم غير المرئي من خارج الحدود الجغرافية للوطن ، وهي المرحلة التي انتجت القائمة العراقية التي خاضت انتخابات 2010 وفازت بها ، لكن الاحتيال القضائي وضغط البيئة السياسية أدتا الى تحوّل جوهري في النتائج ، ليتحول النص الدستوري من الكتلة الفائزة الى الكتلة البرلمانية الاكبر!
حتى دخوله الى بغداد عام 2018 تعرض الخنجر الى حملة سيكولوجية وسياسية كان هدفها الرئيس تجريد اللوحة السياسية العراقية من بروز نمط قيادي بامكانه ان يسد الفراغ في المشهد السياسي للمكون السني بعدد ان تمت عمليات ” تجريف ” لقيادات سنيّة قادرة على الحوار مع الاخ الآكبر من موقع التكافؤ والمصير المشترك والتشارك في صناعة القرار واتخاذه.
وتعرض الخنجر الى حملة مشابهة من قيادات سنية بسبب مد يده لقوى السلطة ، واتهم بشتى الاتهامات ، لكن الرجل ببراغماتيته استطاع ان يمتص الهجمة في نفس الوقت الذي واصل تحالفاته الجديدة مع بعض القوى الشيعية مع احتفاظه بالاهداف الستراتيجية ، وعمليا وكما في أي عمل سياسي استراتيجي ، مارس الرجل تكتيكات سياسية جديدة لتحقيق الاهداف برغم بعض الاخطاء التكتيكية ، وهي ممكنة الحصول في أي ممارسة سياسية.
تخطى الخنجر بجرأة دوائر حمراء وخطوطاً قاتلة في تحالف مع البناء ابان انتخابات 2018 ، حتى انه وفي ممارسة ديمقراطية ، نادرة نسبيا في الاحزاب العراقية التي تعتمد قرار القائد ، شارك قيادات وكوادر حزب المشروع العربي في العراق ( عقد مؤتمره الاول في تموز 2017 في مدينة اربيل) اتخاذ قرار التحالف الجديد مع البناء متقبلاً بعض المعارضات القائمة على بيئة عدم الثقة المسيطرة على المشهد السياسي بين المكونات السياسية .
تقول طبيبة النفس السويدية إليزابيث كوبلر روس عن منحنيات التغيير، ان مراحل التحول والتغيير تساعدان على فهم سيكولوجية الناس تجاه و توقع كيف ستكون رد فعلهم مما يسمح للقادة بالتنبؤ بكيفية استجابة أنواع الشخصيات المختلفة للتغيير، ومن ثم العمل على تبني ممارسات وخطط ومنهجيات مناسبة لقيادة التغيير من أجل تسهيل الانتقال من المقاومة الى القبول.
وكانت رؤيته العامة ان التحالف مع الاقوياء يمنحك فرصاً اكبر لتحقيق اهدافك كما يجنب البلاد احتمالات مواجهات غير معروفة النتائج ، فيما بامكان التحالف ان يفتح الابواب لعمل سياسي مختلف في البلاد بفضي الى الاستقرار والازدهار .
وبرزت سيكولوجية الشيخ الخنجر في مغامرة المساومات السياسية ، ليدخل الى المنطقة المحرمة جرف الصخر سميت بعد تحريرها ” جرف النصر ” ووعد من هناك وفي منطقة محشوة بالميليشيات المختلفة الانواع والاصناف ،بانهاء هذا الملف ، مما سبب حتى حرجا لقيادات شيعية متعاونة معه في اختراقاته كانت حتى لحظتها تابوات لايمكن الاقتراب منها !
وكسر الخنجر بعد نتائج انتخابات 2021 حاجزاً آخر بتحالفه مع السيد الصدر تحت عنوان التحالف الثلاثي ومن ثم تحالف انقاذ وطن وخاض مع الصدر والحلبوسي والبرزاني صراعا مريراً لتثبيت نهجاً جديداً في العملية السياسية ، انتهى للأسف الشديد لصالح مشروع التحاصص والتوافق ، وربما يكون قرار السيد الصدر بسحب نوابه من مجلس النواب الاثر الأكبر في هذا التحول بعد ان كان مشروع الاغلبية السياسية قاب قوسين او ادنى من ان يرى النور .
يتمتع الخنجر بشخصية عنادية للوصول الى الهدف حتى لو كانت اسطورة سيزيف احدى مكونات لوحة العناد هذه ، وله القدرة على الدخول من الزوايا الضيقة ومن الابواب الواسعة بنفس القدرة على التفاوض وعقد الصفقات بل والمساومة المبدئية للوصول الى الهدف ، واهدافه معلنة واستطاع تثبيتها في البرنامج الحكومي للسيد السوداني كما اعلن ذلك امام آلاف المنتسبين للمشروع العربي في مؤتمر نينوى الذي عقد في الخامس من تشرين الثاني 2022.
شخصية كاريزمية تجمع مابين القدرة المتأنية على الاستماع الى كل الاراء التي تطرح امامه وله وبين القدرة على اتخاذ القرار منفرداً بحزم حتى خارج كل الاستشارات ، ورغم انها نوع من انواع السيكولوجية الدكتاتورية الا ان ما يخففها ويعطيها بعداً أقل تأثيراً من المفردة نفسها ، هو اعترافه في بعض الاحيان باخطاء تكتيكية في سياق الصراع السياسي وتحالفات هذا الصراع واختيار شخصياته ، الصراع الذي يخوضه بكل صبر وتحمّل وصولا للاهداف الستراتيجية .