23 ديسمبر، 2024 10:28 ص

سيف الفرات … لماذا الآن وماذا عن الاحتلال والتمدد التركي في شمال سورية !؟

سيف الفرات … لماذا الآن وماذا عن الاحتلال والتمدد التركي في شمال سورية !؟

من جديد يعلن من تركيا عن الاستعداد لـ بدء عملية غزو جديدة للاراضي السورية ،فوسائل الإعلام التركية المقربة من النظام التركي قالت ان الجيش التركي يتجهز لإطلاق معركة “سيف الفرات”،والحجة والذريعة جاهزة وهي ان العملية تستهدف مقاتلي ميلشيا حزب “الاتحاد الديمقراطي” الكردي (PYD) شمال سوريا ،فاليوم الحديث يدور ان تركيا قد حشدت قوات عسكرية تبلغ ضعف القوات التي شاركت في عملية “درع الفرات”، التي شنتها تركيا لدعم المجاميع المسلحة في معركة “غامضة ” ضد تنظيم داعش الإرهابي في ريف حلب الشمالي ، وأدت إلى سيطرة المجاميع المسلحة والاتراك على بلدات الباب وجرابلس وعشرات البلدات والقرى الاخرى ،واليوم ايضاً تؤكد وسائل الإعلام هذه بأنه تم حشد سبعة آلاف من القوات التركية الخاصة على الحدود مع سورية ، مع إعطاء الأوامر لكل من القوات التركية والمجاميع المسلحة في شمال سورية الموالية لتركيا بالجهوزية التامة لبدء معركة تمتد من غرب اعزاز في كل من بلدة عين دقنة ومطار منغ العسكري في ريف حلب الشمالي، لتستمر وصولاً إلى كل من مدن تل رفعت وعفرين في ريف محافظة حلب الشمالي ، ومدينة تل أبيض شمال الرقة.

وهنا من الواضح وتزامناً مع حديث وسائل الإعلام التركية هذه ،ان الوجود التركي بدأ يتحوّل إلى أمر واقع ، لا وبل يحاول الاتراك التمدد بمساحات جغرافية جديدة ، والاخطر هنا أنهم يحاولون فرض هذا الوجود وذلك التمدد بالقوة ، وهذا التحرك التركي يحتاج على وجه السرعة ، لدراسة فورية وخطط تنفيذية سريعة من سورية وحلفائها للتصدّي للعدوان التركي على الاراضي السورية الذي كان ومازال تحت حجج محاربة الاكراد وتنظيم داعش، مع ان الاهداف بعيدة المدى غير ذلك بالمطلق.

اليوم لايمكن انكار حقيقة ان هناك احتلال و غزو مباشر وعلني بري للأراضي السورية من قبل الدولة التركية في ريف حلب الشمالي ، وهناك حرب تصريحات إعلامية تؤكد ان الاتراك كما قلنا إعلاه يستعدون لاحتلال وقضم المزيد من الاراضي السورية شمالاً، وهنا، لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الاتراك حاولوا وما زالوا يحاولون المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة السورية من خلال السعي للسيطرة والنفوذ على مساحات جغرافية من شمال سورية ، فالنظام التركي أظهر منذ بداية الحدث السوري رغبته الجامحة بسقوط شمال سورية خصوصاً وسورية كلّ سورية في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي السوري، وهذا الأمر ينطبق على أطماع الاتراك بالشمال السوري، فكانت لهم صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها فتح حدودهم بالكامل أمام السلاح والمسلحين العابر والعابرين للقارات من تركيا مروراً بسورية وإلى العراق، وليس آخرها ما جرى من أحداث مؤخرآ من غزو علني للاراضي السورية ، واعتقد انّ الهدف الرئيسي للتدخل التركي هو الاستحواذ والسيطرة على جزء من الجغرافيا السورية لتحقيق مطامع اقتصادية وسياسية تركية.

فتركيا لم تأت لسورية لمحاربة ميليشيا قوات سورية الديمقراطية أو حزب العمال الكردستاني أو لضرب تنظيم داعش الإرهابي ، وإنما جاءت لغزو سورية بعد ان تيقنت بأنّ مساحة المناورة لها بسورية قد ضاقت بشكل كبير بعد التدخل الروسي وتحرير حلب المدينة ، ولهذا قرّرت التحرك بالريف الحلبي الشمالي لإيجاد هامش واوراق مناورة جديدة لها بالاقليم، وهنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الغزو التركي للأراضي السورية ما كان ليتمّ لولا التوافق والدعم لهذه الخطوة التركية من بعض الأنظمة العربية والغربية وبعض القوى المنخرطة بما يسمى المعارضة السورية بالخارج .

من الطبيعي ان يشكل الاحتلال والغزو التركي خطراً كبيراً على مستقبل الدولة السورية سياسياً وامنياً وجغرافياً وديمغرافياً، وهذا ما يؤكد أنّ المرحلة المقبلة ستشهد أحداثاً دراماتيكية عسكرية وسياسية في مسار وتداعيات ونتائج هذا الغزو التركي للأراضي السورية، وهذا ما يؤكد أنّ الدولة السورية والجغرافيا السياسية السورية قد دخلت بمرحلة اشتباك دولي واقليمي جديد، وعلى ضوء نتائج هذا الاشتباك سترسم من جديد الخارطة السياسية والجغرافية للاقليم والمنطقة العربية ككلّ.

ختاماً، من المؤكد أنّ الغزو التركي للأراضي السورية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يخطط له الأتراك بالشمال السوري، فمحاولة وصل منطقة نفوذ تركية تمتدّ من شمال شرق سورية إلى شمال غربها هو مخطط تركي قديم، ولهذا هم يسعون للاحتفاظ بمنطقة نفوذ جديدة بشمال سورية وبالريف الشمالي لحلب بالتحديد لضمان فرض سيطرة تركية ومساحة نفوذ ومناورة تركية جديدة بالإقليم، وهذه الخطوة ستكون لها تداعيات كارثية على أمن المنطقة والاقليم ككلّ.