23 ديسمبر، 2024 4:00 ص

“سيرك الصدر .. ومشروع الخنجر”

“سيرك الصدر .. ومشروع الخنجر”

عندما بدأت أكتب إطروحة الدكتوراه في العلوم السياسية وذهبت أبحث عن المصادر في كبريات المكاتب، فمن الطبيعي أن يأتي أمامي تعريف السياسة والتي تعني “رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية” فلم أجد شخصاً ينطبق عليه هذا التعريف المحدود للكلمات سوى السيد مقتدى الصدر، فعندما نُفصل التعريف ستكون النتيجة مطابقة من ناحية الشكل والمضمون.
داخلياً: ان الصدر دخل العملية السياسية منذ اليوم الأول للإحتلال الأمريكي للعراق بل ودخلها بجناحين، الأول مسلح والثاني سياسي.
خارجيا: لا يخفى على أحد أن الصدر يتمتع بعلاقة من نوع خاص وتناغم كبير مع المحور السعودي الأمريكي، ومن الطبيعي في علم السياسة والتحالفات المحورية الواسعة أن يتأثر كل جزء من أجزاء التحالف لصالح عراب أو ممول التحالف.
يقول هارولد لاسويل: إن السياسي يسعى للحصول على السلطة التي تحدد من يحصل على مصادر الدولة، مع ضبط عاملي “متى وكيف”، هنا علمياً يتجلى لنا معرفة سبب الخلاف المفاجئ بين السياسي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري الذي هو جزء من المكون الشيعي وبين ممثل المكون السني ورئيس تحالف المحور الوطني خميس الخنجر.
الصدر السياسي يسعى لكي يحكم سيطرته على جميع جزيئيات مفاصل الدولة بينما يسعى الخنجر السياسي للحصول على الاستحقاقات الانتخابية التي هي بالأساس حق مشروع للمكون السني.
والسؤال الجوهري
لماذا جاءت المناصب السيادية بطريقة المحاصصة (رئاسة البرلمان للسنة، رئاسة الجمهورية للكرد، رئاسة الوزراء للشيعة)
في حين يطلب الصدر بضرورة إبعاد الحقائب الوزارات عن المحاصصة ؟!
الجواب:
الصدر هنا طبق حرفياً ما حدده هارولد لاسويل عندما قال: التنافس الغير مشروع وتوزيع الاتهامات مع ضبط عاملي “متى وكيف” تمكنك من الاستيلاء على مصادر الدولة سواء كانت المصادر “مال أو نفوذ”.
فالذي يجري الأن هو نوع من أنواع الحصول على أكبر قدر من “المال والنفوذ” من خلال الوزارات المهمة، وهنا طبق الصدر عامل الوقت “متى”، أما “كيف” فمن خلال قراءة تغريدة الصدر التي عنونها بـ”رسالة الى سنة العراق وسياسييهم”، فقد تهجم الصدر بشكل أو بأخر على زعيم المكون السني خميس الخنجر، من باب التنافس لا من باب الاتهامات المعززة بالأدلة والبراهين.
ومما سبق من هذا الصراع الخفي الظاهر الذي سينتهي مع حسم موضوع توزيع الحقائب الوزارية فقد ربح الخنجر أمام جمهوره إعتراف الصدر له بقوة تأثيره على الساحة السياسية العراقية بالرغم من عدم وضوح الصورة وضبابية المشهد السياسي، في حين خسر الصدر النزال من الجولة الأولى بسبب فقدانه لتوازنهُ أمام استحقاقات غيرهِ.