أصبح الدم العراقي المسفوك في الشوارع خبراً يومياً، وأضحى أمراً اعتيادياً، أدخل العراقيين في طريق دموي وعر، لا تلوح في الأفق نهاية قريبة له.تطورات الوضع العراقي تشير إلى أن البلد ينجرف نحو منزلق تأثيرات الحدث السوري، بشكل يصعب الخروج منه بحلول ترقيعية، ليضفي تعقيداً جديداً على حيثيات الوضع في المنطقة كلها. ويبدو أن كل الأطراف المعنية بالشأن العراقي في الداخل والخارج، يستبقون نتائج الوضع السوري لتسجيل نقاط، كل على حساب الآخر فوق الأرض العراقية وبدماء العراقيين.فتسعير الفتنة الطائفية وإشغال العراق بها، يدخل في مخطط منعه من النهوض والاستقرار، وحتى الالتهاء في معالجة مشاكله الداخلية التي تزداد صعوبة وتعقيداً، حيث لا تزال أبسط المشاكل الخدمية عالقة، رغم كل الثروات العراقية والكفاءات والطاقات المتوفرة.،لكن عندما تجف العروق من دمائها ،وتلتهب المشاعر أثناء بحثها الشاق عن إجابات ،وتجدها بصعوبة بالغة ولكنها ليست بمستوى الأحداث ،ولا تليق بعقولنا العطشى للحقائق . نتساءل بكل عفوية عن غياب العدالة والرحمة والشفقة من قلوب “العملية السياسية” ،وعن هذه القسوة وتبلد المشاعر ،بحيث لم تعد هناك قيم ولا مبادئ ولا حتى قوانين سائدة سوى قوانين القتل والدمار وسرقة المال العام . إن بحيرات الدماء الصناعية التي يزخم بها بلدنا والتي تأتي يوميا ،دون التميز بين أي مكون ،تطال الأبرياء والعزل والمسحوقين أصلاً الذين ليس لهم في هذه الدنيا نصيب سوى الفقر والتعب وراء لقمة العيش والكد بحثاً عن الكرامة ،وهكذا تطالهم أيدي القتل والتنكيل والتهجير والموت بشتى الطرق والألوان . لست عبر خلجاتي المتكسرة ، بل أتساءل كما الكثيرين من عموم الناس لماذا الدم العراقي رخيص إلى هذا الحد ،ولماذا الإنسان ليس له قيمة البتة ويداس وتهدر روحة بدم بارد . هذه التساؤلات وغيرها والتي تحير الكثيرين أساسها لماذا نحن ؟ ما يحصل في العراق هي بفعل قوى ظلامية تحارب الشرائع والقوانين التي تخص الإنسانية ، وتحتكر الطمأنينة والأمن وسلامة الروح وحق العيش بسلام ، هذه القوى ورجالاتها من أمراء الحروب هم سفراء الموت والقتل . أعطوا أنفسهم الحق بسفك دماء البشر دون وجه حق بمسميات واهية دنيوية بشعة كالاحتفاظ بالسلطة وتجديد “الولايات” ونقض القوانين ومكافحة الإرهاب والتفنن في سرقة المال العام !هو من صنيعة القوى الظلامية ،ومعاول التهديم لاتزال تخرب كل ما هو جميل في بلدي العزيز . لا بد أن يتحرك حكماء السنّة والشيعة على حد سواء، بعلمائهم وسياسييهم، للتصدي لحالة الانزلاق المستمر، كما لا بد للحكم العراقي من التخلص من جميع القوى المسلحة غير النظامية ومن سائر الميليشيات الطائفية، وإنهاء دورها وإخضاع جميع المواطنين للقانون والنظام، حفاظاً على وحدة العراق، ووصولاً به إلى تحقيق الأمن والاستقرار.إن صور القتل الممنهج اليومي في بغداد وبقية المحافظات تقشعر لها الأبدان وأصبحت هي الصورة والخلفية بأذهاننا ،بحيث أصبحت الكوابيس أقل وطأة من الواقع الذي نعيشه ، ولم تعد القصص التي نخيف بها الأطفال ذات جدوى أمام صور القتل والتنكيل التي تشاهد عبر وسائل الاتصال . لماذا لا تقام العروش إلا على الجماجم ؟ لماذا الدم العراقي يستهوي الكثيرين من مصاصي الدماء ، والسفاحين ؟ لماذا تزهق أرواحنا بأيدي إيرانية بامتياز ؟ لماذا دمنا لقاء حقنا في الحرية ؟ لماذا صمتنا أزلي ؟وأرواحنا رهن برميل من النفط ؟ ولماذا نحن رهينة المشاريع الخارجية ؟ هل الله خلقنا وقود لهذا الهجين ؟ تساؤلات قد تجد مكاناً لها لدى مالكي رقابنا ، ولدى سفراء ملك الموت ، ولدى وكلائهم .