التصريحات التي تم التداول بها في الساعات الماضية تؤكد بالملوس عدم تخلي السياسيين في العراق” الديمقراطي جدا” عن التزامهم المتوارث بمصادرة الحريات و تكميم الأفواه للبقاء في دائرة الضوء على جثث الأبرياء، ما يستدعي موقفا وطنيا مسموعا لانهاء الرقص على جراح و مآسي العراقيين.
لم نسمع ان التظاهر و المطالبة بالحقوق خروجا عن الدستور و القوانين الوضعية،فما ينص عليه الدستور العراقي غير ذلك جملة و تفصيلا، ما يؤكد عدم التزام السياسيين بنصوصه كلما تقاطعت مع مصالحهم، و ما يحدث من شغب سياسي لمنع التظاهر أو الاعتصامات المطالبة بتغيير شكل الحكم تؤكد ان صناع القرار في العراق يتقمصون كل أشكال الديكتاتوريات في العالم.
لم نسمع يوما أن دولة يتم تفصيلها على مقاسات السياسيين لا الشعب، لكن ذلك يحدث في العراق بشكل واضح، فالمنطقة الخضراء غريبة بساكنيها و أمتيازاتهم عن الشارع العراقي، الذي يئن من جميع المظالم و تتعمق جراحه يوما بعد آخر، بينما يطفو المسؤول على أمواج من المكافأت و الامتيازات و الرواتب الدسمة و كهرباء لا ينقطع و أمن مضمون، بينما المواطن تتجاذبه كل المخاوف وعلى جميع الصعدة.
لم نسمع ولم نقرأ عن دولة تعمل بنصف دستورها بما يتوافق و محاصصة الطوائف و الحكم مثلما هو معمول به في العراق، فما يخدم المسؤول جاهز للتنفيذ و ما يحرم المواطن من حقوقه لا يحتاج الى مصادقة من أحد، فهناك طوابير تعمل في الظلام لترهيب المواطنين طائفيا و حزبيا، وما يجري ضد اعتصامات الصدريين و التيار المدني شاهد كبير على مصادرة الرأي العراقي الرافض لذبح الوطن و نهب خيراته و امتهان سيادته.
لم نسمع أو نقرأ عن دولة تضيق بشعبها ولا تحافظ على آمنهم و ممتلكاتهم مثلما يحصل في العراق من عصابات متخصصة في كل شيء، في سابقة غير متعارف عليها في تاريخ البلاد، ما يكشف عن مخاطر الدولة غير الرشيدة، التي يتسيد فيها أشخاص و تصادر فيها حريات الشعب، فلو أحصينا عدد العراقيين الذين سحقتهم معاول الرأي السياسي المتخبط لآكتشفنا أن عشرات الالاف قد سيقوا الى الموت بلا سند قانوني، سواء بجريرة داعش أو عتمة الانسانية في نظر سياسيين لا يستطيعون العيش في فضاء سلمية الحكم و رجاحة المواطنة.
لايمكن اصلاح الحال في العراق بالسلاح و التهديد و الوعيد اللذي أوصل البلاد و العباد الى حافة الانهيار على كل المستويات، وأن السياسي الذي لا يحترم الرأي الآخر لا يحق له العمل في مؤسسات الحكم، حيث ينص دستور ” النصف” على ضمان حريات العراقيين بالدفاع عن حقوقهم بالتظاهر السلمي، الذي يخشى سياسيون من وصوله الى عروشهم المحصنة بثنائية ” الورع و نهب أموال البلاد و العباد” ، ما يكشف بالملوس ان ما يسمونه ” العراق الجديد” ليس ديمقراطيا و صناع قراره يكرهون الشعب بدليل تشكيلة الأحزاب الطائفية و العرقية و حديث ” المكونات” و كأن شعب العراق من مواليد 2003.. من حق شعب العراق استعادة حرياته و أمواله المنهوبة بكل أشكال التظاهر السلمي الذي لا تتحمله عقول سياسيين تربوا على التفرد و نرجسية الشخص و”
القائد بالتبني و سطوة المال”!!، بينما المطالبة المطالبة بالاصلاحات باتت مطلبا شرعيا وشعبيا ، و لاتمثل ترفا سياسيا او شعارات للمزايدة، خاصة و أن حكومة العبادي لم تنفذ مطالب المتظاهرين ، وكل ما تم انجازه لا يرقى الى الأصوات المطالبة بالتغيير و القضاء على الفساد بعد 13 عاما على تراجع الأداء الحكومي و ترهيب المواطن بوسائل مختلفة.