لو تم جرد عدد الزيارات التي نفذها المسؤولون العراقيون الى ايران منذ 2003 الى اليوم لاكتشفنا بأنها تزيد عن عدد المرات التي تواجد فيها نفس المسؤول في مؤسسته أو عائلته، ففي كل شاردة و واردة هناك ” قبلة ” اسمها ايران، يسمعون رأيها في بيع البيض و المفاعل النويي في وقت واحد، لا يلتفتون الى غيرها في الصفقات و العقود، ولا يسمعون غير وجهات نظر المسؤولين فيها.
وعندما يحط المسؤول العراقي رحاله في طهران تتغير ملامحه رأسا على عقب فالليبرالي يجامل حتى في ملبسه الشخصي و يذهب حد الالتزام بتوقيتات الصلاة، اما المتدين قولا أو فعلا فيدخل في ” خلوة” يراجع فيها نفسه كي يحظى بمودة مستقبليه، ما يفرض هيمنة نفسية ايرانية على الجميع و السبب مجهول، أو ربما لأنهم يريدون قطع العلاقة مع التاريخ و سنوات حربه الثمانية.
وبعيدا عن موقفنا المعارض او المؤيد لحرب الخليج الأولى فاننا في المقابل نسأل ” الزوار السياسيين” ماذا تغير في ايران كي تتحول الى الشقيقة الكبرى بلا مسائلة، و كيف أصبحت العلاقة معها بعد 2003، هل نحن في واحة سلام أو نواصل السير على نار تحت الرماد؟ و ماذا فعلت ايران من أجل استقرار العراق، وهل تحترم وحدة البلاد و العباد؟ نعرف أن أحدا منهم لن يجيب على أي تساؤل لأنه سيفصل من الصف التمهيدي في العلاقة غير المتجانسة و لا النزيهة.
يتحدثون عن رغبة في فتح صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية، لكن لم يجرؤ أي مسؤول عراقي على طرح موضوع احتلال الجزر العربية و اصرار ايران على سلب هويتها من الامارات العربية الى الدولة الفارسية، أو الى متى يجتهد الايرانيون في كيفية ذبح وحدة العراق و شعبه ، من خلال تخريجات الفتنة الطائفية و المذهبية السياسية، أو التدخل حتى في طريقة تصدير العراق لخيراته و علاقة ذلك بقبول هوية المستثمرين أو مناطق نفوذهم، و ما جرى في البصرة خلال طقوس عاشوراء قبل ايام يدخل في هذا السلوك العبثي لايذاء العراق!!
ان القضية لا تتعلق أيها السادة بمجاملات عائلية أو عرفان بجميل تاريخي بنكهة حزبية أو شخصية، بل في كيفية تحويل العراق الى دولة مستقلة و قرار سيادي لا يتاثر بالتعاطف مع ايران في الخطا و الصواب، في سماع رايها دون غيره ، في تنفيذ ارادتها بصمت و خوف، نحن لا نريد ايران أبا روحيا بل صديقا يتاثر و يؤثر، لأنه و بدون ذلك ستتحول العملة العراقية الى تومان و يتعمق لحن القول في لغتنا العربية، وأن مجرد توثيق عدد الاتهامات الموجهة الى السياسة الايرانية نجد بالملوس أنها تصر على عدوانية التعامل مع العراق و شعبه.
و تشير معلومات مؤكدة الى أن الغضب العربي في محافظات الفرات الوسط والجنوب من تمدد النفوذ الفارسي في العراق قد بلغ مديات غير متوقعة، وهناك استياء يصل حد الفجيعة من الصمت الحكومي و البرلماني على ذلك، لان الغالبية المطلقة من المسؤولين بجاملون ايران ويخشون النظر في غضب العيون العربية العراقية، فهناك حيف خطير قد لحق بهويتنا العراقية بسبب تحويل السياسة و المسؤولية الوطنية الى مجاملات و نفقات اضافية، و أرصدة في مصارف تديرها اصابع ايرانية أوأمريكية، و نتيجة الأبتزاز في المواقف معروفة و مجربة ايضا، لذلك تحول العراق الى شيعة و سنة و أكراد بعد أن ظل عبر التاريخ عربيا أو كرديا شيعيا أو سنيا!!
ولكي لا يستمر جريان الأنهر بالمقلوب و لكي نحترم عراقيتنا أكثر، ولكي لا يتحول الانتماء الى الوطن بوابة لمقايضة الأخر، فان العراق بحاجة الى ثورة قناعات سلمية تجعل من عروبة البلاد المتسامحة بوابه لاستقرار المنطقة، التي تكون فيها ايران لاعبا لا حكما و ملعبا وصانع القاب و مسجل أهداف، فاستمرار الحالة الأخيرة يعني المشاركة في ذبح المنطقة وأهلها وعدم الفوز برضا ايران،وحسنا يقول جيفارا ” لا يهمني متى واين سأموت لكن يهمني ان يبقى الثوار منتصبين ، يملأون الارض ضجيجا ، كي لا ينام العالم بكل ثقله فوق اجساد البائسين والفقراء والمظلومين”!!
و بالتأكيد لا ينطبق هذا الراي الثوري العقلاني مع سلوكيات مسؤولين عراقيين يتحولون فجأة الى طالب في تمهيدي التجربة عندما يحطون الرحال في ضيافة السيد سليماني و رفاقه من أصحاب القرار الأول في العراق، فمتى يتنتهي حصة اللعب بدمى أصحاب القرار اللاعراقي!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]
—–
من المسئول الحقيقي عن غرق بغداد.. سيدي المالكي
في كل مرة تتكشف حزمة من الحالات المروعة التي لا يمكن و ليس من المنطق و المعقول و المقبول السكوت عنها و تجاوزها.
حقائق تظهر وحشية و تغوَل الفساد الاجرامي المستشري و الذي يرتكب بحق هذا البلد البائس.
مؤسسات تدار من قبل مسئولين تنافسوا للسيطرة عليها افراداً او احزاب و عملوا باستماته على الهيمنة و الاستحواذ و الاستئثار بها بعد ان خدعوا المواطن البسيط و استغلوا حسن النية لدية و تصديقه وعودهم المعسولة و النتيجة في واقع الحال لا تتعدى الكذب المفبرك و المغالطات لاخفاء الدوافع الحقيقية الكامنة في الكسب غير المشروع و السرقة و الاثراء سواء بالعمولات التي تقدم او بالرشى, و بالتالي يتحمل المواطن عبء النتائج الكارثية عند حدوثها و عند المواجهة و الفشل يضع المسئولون الوزر على الاخرين و قد يحملوا اسباب الفشل و الاخفاق للمواطن نفسه!
هذا نموذج من نشاط مؤسسات يديرها السيد المالكي.
تطرقنا لموضوعات سابقة عن حالتين على سبيل المثال لا الحصر و هما مديرية عقارات الدولة و دائرة الفصل السياسي في وزارة التعليم العالي, اما الان فسنتطرق لموضوع حيوي يكشف حقيقة ما يجري. المواطن يواجه مشكلة مزمنة مع قدوم الشتاء و مع اولى زخات المطر التي انعم الله بها على العراقيين, ظهرت المشكلة, حيث تكشفت حقيقة الاموال التي اهدرت و المليارات التي تبددت و تلك التي سرقت, كما ظهر فشل من تحملوا عبء مسئولية ادارة تلك المؤسسات ( من العيساوي الى الان). ثمان ساعات مطر في يومين فقط اغرقت بغداد و المدن العراقية الاخرى من دهوك شمالا و حتى البصرة و الزبير جنوباً.
و بدلاً من وضع الخطط الاستباقية باعتبار ان الحالة مزمنة تتكرر كل عام و لمواجهة موسم الامطار بدات كل جهة تحمل المسئولية على عاتق الجهة الاخرى و اشتدت عمليات التسقيط و المناكفات و كثرت الخلافات بين مجالس المحافظات و مجالس البلديات و دوائر المجاري, اي بين المجالس التشريعية و المجالس التنفيذية و كل طرف يحمل المسئولية للطرف الاخر.
و هنا لا يسع المرء الا ان يتسائل عن حجم المبلغ الاجمالي الذي انفقته مجالس البلديات و كم هو عدد المشاريع على مدى عشر سنوات, و ماهو معدل مستوى النجاح و الفشل.
لماذا لا يكشف المسئولون عن انجازاتهم و اخفاقاتهم و انفاقهم و من هي الشركات و المقاولون الذين التزموا تلك الاعمال و كذلك المهندسون المقيمون الذين وقعوا على اتمام الانجاز لتلك المشاريع وفق ماهو مخطط, ثم كم هي عدد المشاريع المتلكئة خاصة ( خط الخنساء) و اسباب ذلك التلكؤ و المشاريع الاخرى.
اليس من حق المواطن ان يسئل يا سيدي المالكي؟ وفق حرية الراي و المسائلة و الديمقراطية … الخ.
المواطنون يطالبون المسئولين ضرورة عمل مقارنة بين حجم الانفاق و المشاريع المنجزة و نسب الانجاز كي تتكشف حقيقة غرق بغداد و المدن الاخرى و بعد ثمان ساعات مطر فقط.
اذاً ماذا ستكون عليه الحال في الشتاء القادم و امطاره الغزيرة و نحن على ابوابه؟ ماذا ستعملون؟ و ماهي معالجاتكم؟ مع ان بعض الأسر المتضررة من العام الماضي لم تستلم تعويضها, فماذا ستقولون لها عندما تتعرض لاضرار جديدة؟
نحن نتحدث عن نموذج اخر من عمل الاجهزة التنفيذية التي يديرها السيد المالكي و لا ندري ماذا سيعمل للمسيئين و لشرف المهنة؟ و ماهي حدود المحاسبة؟ هل سيعفيهم من مناصبهم؟ يحجز اموالهم؟ يقدمهم الى المحاكم بتهمة الاستئثار بالمال العام؟ ام هل سيحملهم الاضرار التي لحقت بالمواطنين؟ كونهم ليسوا بمستوى المسئولية.
السيد المالكي لا يحتاج الى من يقدم له حلول, فلديه من الخبراء و المستشارين الكثير بحيث يشيرون له الحل و بسرعة الكومبيوتر, و عليه ان يكشف السبب الذي حل بالبلد, الفاقدة للامن شوارعه و المعدومة ابسط الخدمات فيه, اما المتكالبون المتنافسون على المناصب و الطامحون لها لي يحققوا ما نقول عنه الفساد الاداري و الرشى و السرقات, اما ان تغمر شوارع بغداد المياه او تختلط في بعض المناطق بالمياة الثقيلة و الاسنة, فهذا امر اخر يجيب عنه و يفسره من يحرص فعلاً على البلد و هم قليلون ان لم نقل نادرون.
– يتسائل المهتمون بالبيئة و نوع الخدمات عن مصير قانون البنى التحتية, فمنذ عامين و بعد ان تم طرحه اكثر من مرة على البرلمان و رفضه, لايزال يسكن الرفوف و يعلوه الغبار. لماذا؟ يتسائل البعض عن المستفيد من عدم ايقاض القانون و عدم التصديق عليه. هل لانه لا يثير اهتمام بعض اعضاء البرلمان و اللجنة البرلمانية للخدمات كونهم في المنطقة الخضراء او مناطق اخرى محصنة امنياً من المطر و ان هناك من يستفيد من بقاء القانون نائماً كاهل الكهف.
– عندما يكثر الحديث عن تفشي الفساد و الرشاوى و تقاضي العمولات, يكثر المسئولون من اقامة الحلقات و اجراء الندوات و يبالغون بالتطرق الى القصور و الجهل بالعمل الاداري لكنهم عندما يطالبون بالمعالجة و الحل, يختفون و يتبخرون كونهم يعرفون السبب الحقيقي للفساد, لان بعضهم فرسانه و رواده اما البعض منهم لا يفكرون الا عندما يقع الفأس على الرأس, و هذه احدى مشكلات الغباء الاداري و الجهل بحدود اختصاص الوضيفة.
– نحن لا نتطرق الى منطقة بعينها و انما نتحدث بصفة عامة, فماذا نفسر زخات مطر لثمان ساعات فقط تغرق العاصمة بغداد و تتحول الى مناطق منكوبة يختلط بها الحابل بالنابل, مياة الامطار بالمياة الثقيلة, تغرق اغلب الشوارع و تدخل البيوتو تجبر الساكنين الى الانتقال للطوابع الاعلى, ان وجدت, و كذلك الحال في المدن الاخرى, فعلى سبيل المثال نذكر بعض مناطق بغداد التي لازالت تغطيها المياه و هي الاعظمية, الكاظمية, البياع, الشعب منطقة 83 و جزء كبير من مدينة الصدر و جميلة الاولى و الثانية و محلة 516 و البلديات و حي اور و المعامل و النصر و العبيدي … الخ الخ الخ.
لكن و للانتباه نلاحظ ان منطقة باب الشيخ المجاري فيها انشئت في العهد الملكي و في عام 1980 تم وضع انابيب ( كورية) و لحد الان ليس فيها مشاكل تذكر, في حين اهدرت مليارات الدولارات دون ان تحقق شيئاً لزخات المطر التي جائت في اول الشتاء.
– المواطنون يتسائلون متى تاخذ العدالة دورها في محاسبة من اهدروا المال العام و اسائوا لشرف الوظيفة و تمادوا بالفساد و الجهل بابسط ادوات و مفردات العمل الاداري, فالاهمال المقصود واضح و بيّن و الاخطاء مشخصّة و معروفة و في كل عام تتكرر المأساة, و أخر من تفكر به دوله المالكي هو المواطن!
و ما اكثر ما وعد بالجنة و الخير العميم, و النتيجة انهم افرغوا البلد من كل شئ و استأثروا بماله.
ان بغداد تغرق يا سيدي من اول زخات المطر, فمن المسئول عن كل هذه الامور التي تصل الى مستوى الجرائم.
لقد وصل المواطنون الى طريق مسدود في تعاملهم مع مؤسسات حكومة المالكي كونها مؤسسات يقودها رئيس وزراء غير مؤهل و غير قادر على ادارة شئون البلد. فالمصالح توقفت و الاعمال عطلت و المدارس اغلقت و لغاية اليوم.
رئيسٌ تأججت في عهده الصراعات الطائفية كمنهج و متجاهلاً وظيفته الاساسية معتمداً الحل العسكري بدل الجلوس على طاولة المفاوضات للبحث عن حلول و التفاهم من اجل المصالحة و التسامح و التوجه الى خدمة حقيقية للبلد المنكوب, و ما مأساة غرق بغداد الا نموذجاً.
فالى متى ستستمر المأساة سيدي؟
لقد ضاق الشعب ذرعاً بما يجري, ففي كل يوم لنا محنة و في كل فصلٍ لنا مأساة..
و سوف نرى…