هو عالَمٌ كَتبوا لهُ عِنوان السياسة، لكنّه في حقيقة الأمر لاينتمي إليه اللاعبين.
أبلَغْ معنى لِتوصيف عاهر في سوق البَغايا، أو مُشاهدة فِلم مُمل قَرَف المُشاهد من مُتابعته ليُصبح في النهاية وقت مُستقطع من زمن شعب يُخبرهم أن سوء قَدرِهم وحِلكة أيامِهم وإبتهالات الصالحين التي صَعدتْ إلى السماء وكأنها كانت تتنبأ لهم بالمكان والزمان الخطأ.
عالَم مُتناقِض في كُلّ شيء يصعُب تفسيره أو حتى تعريفه بوجود شخصيات سُلطوية مُتناقِضة أو حتى كارتونية تؤدي أدواراً مُضحِكة في مشاهد لِرسوم الأطفال المُتحركة تُدير منظومة هذا الفضاء الواسع الذي إسمه السياسة.
أمزجة مُتقلِبة لِكائنات تُوضع في قوالب بشرية وضعها سُوء القَدر وسَواد الحظّ لِتتحكّم بشعب تاريخه الحضاري أكثر من (6000) عام.
منظومة هجينة لاتُفرّق بين عِنوان الوطني والعميل، أو الأصيل وذلك الذي جاء وإستوّطن الأرض من وراء الحدود، حتى بات الشعب يَشُك في نفسه أنه رُبما يكون هو السبب في الفوضى والخَراب وتدمير البلد.
حتى الوحوش المُفترِسة عندما تنقضّ على فرائِسها لإلتهامها فإنها تأخُذ حيناً من الزمن لكي ترتاح وتُعاود دورة حياة الإنقِضاض، إلّا هؤلاء المُتحكّمين بِمصائر وحياة هذا الشعب فإنهم لايشبعون ولايملّون من الإنقِضاض والنَهمّ والكَذِب أيضاً.
إستفادوا ببراعة وأجادوها في حياتهم نظرية غوبلز وزير الدعاية الألماني (إكذب..ثم إكذب..حتى يُصدّقك الناس) فظلّوا طُوال عقدين وهم يكذِبون ويُخادعون لإقناع السُذّج والبُسطاء وحتى الذين يُريدون أنّ يُصدّقوا أكاذيبهم بالرغم من عِلمهم أنهم يَكذِبون، والغريب أنّهم لايتعبون من هذا الكَذِبْ والخِداع، فَتراهم كُلّ حين كالحرباء يُغيّرون جلودهم حسب ماتقتضيه مصالحهم ومنافعهم، ولهذا تراهم لايترددون بإهلاك الحَرْث والنسل لو إقتضت ضرورات نزواتهم.
تَمعّنوا في أفعالهم ستجدون غرابيب سُود إسّتباحتْ كُل شيء إبتداءً من الوطنية والسيادة مروراً بمفاصل الحياة الإقتصادية والسياسية عندما إنتهتْ في أزمانهم الصِناعة وأُغلقتْ المعامل وأصبحت الأرض جرداء قاحِلة بلا زرعٍ وضاع التعليم وإنتهى الطِب وأفِلَ نجم العراق في زمنهم ووصلتْ أياديهم حتى إلى النسيج الإجتماعي للمجتمع العراقي بفعل دسائسهم وخبائثهم الطائفية والمذهبية والعِرقيّة..فَهلْ أبقوا فَساداً ومَفسدةً لم يقترفوها؟ حَوّلوا شعباً كان يُعتبر من أغنى شعوب المنطقة إلى شعب فقير يتسوّل حتى الكهرباء، أصبح المواطن في زمنهم يبحث في القُمامة عن شيءٍ يأكُله أو حتى لِيستُرَ جوعهُ، تُرى هل يُمكن توصيف هذه المشاهد بأننا وصلنا إلى الضَحالة؟..كلا..فهي مشاهد توصيف الضَحالة نفسها.
يعيشون حياة الملوك والأمراء والسلاطين وهم الذين يذرفون الدموع وتحمل أدبياتهم بين سُطورها ذلك الفُقر والزُهد والوَرع لأهل البيت (ع). هل هُم سياسيون أم تُجّار أو حتى غوغاء؟ لانعلم..فقد ضاعتْ البوصلة في تحديد الإتجاه.
أكثر من (19) عاماً لم تخمدْ عندهم شهوة الإنتقام ورغبة الثأر من هذا الشعب لإمراضٍ وعُقد نفسية تُصوّر لهم أن المواطن الذي تحمّل سَنوات الحروب والحِصار والجوع هو المسؤول عن شتاتهم في بلاد الضباب، والشعب الذي كان يرزح تحت حُكم الجلّاد كان مُتواطئاً معه بِتسكّعهم وتسوّلهم.
عُقدة النقص التي يحملونها أعمَتْ قلوبهم وأزاحتْ أبصارهم وبصيرتهم عن الواقع والحقيقة، لذلك من الصعب بل المُستحيل إصلاح أحوالهم أو شفائهم لأنهم هكذا صاروا وأصبحوا ولن يُغادروا قواقعهم، هؤلاء اليوم الجُزء الأكبر من مُشكلة العراق وليس الحلّ ومُخطئ من يطلب منهم الإنقاذ.
أمراض نفسية من الصعب شفائها تحملها شخصيات سَطَتْ على الحُكم بِغفلة من الزمن وتواطئ خارجي جَمعَهُم من أرصفة بلاد الضباب وشوارع المَهجر وحارات المُعدمين وأزقّة التسوّل لِيصنع منهم سُلطة الحُكم بمرسوم وإعتراف دولي وغِطاء لايُريدون رفعهُ لكي لا يَكشف عَورتهم وخطاياهم التي أنتجَتْ نِظاماً مُعاقاً ومُشوّهاً يُريد تسيير الوضع على ماهو عليه ومحاولات لإبقائه أطول فترة مُمكنة، لكنْ فات على الجميع أن جهاز التنفس الإصطناعي مهما طال عمله لإدامة حياة المُحتضر لابد أن يأتي ذلك اليوم الذي يُرفع فيه الجهاز عن المريض لِيُعلن وفاته رسمياً وذلك هو ماقد يأوول إليه نهاية النظام السياسي في العراق.