18 ديسمبر، 2024 5:01 م

سياسيون ام سراق نفعيون !

سياسيون ام سراق نفعيون !

لم تمر بحسب قناعتنا المتواضعة فترة انحطاط وتشويه لابسط مباديء العمل السياسي مثل التي نعيشها حاليا في عراق ما بعد الاحتلال ، حيث صارت السياسة تعني فرص متاحة لسرقة الثروات والمال العام والمغانم المادية والمعنوية وهو ما لم يكن مألوفا لا في العراق اولافي الوطن العربي ، وهذا ما ولد عزوفا لدى عدد غير قليل من الشباب عن الايمان بالعمل السياسي وجدواه ودفعهم لعدم متابعة الاحداث بل الابتعاد عنها وهو ما دفعني لكتابة هذا الموضوع. فمن يتابع احداث العمل السياسي في ثلاثينات القرن الماضي او ما بعدها وحتى قبلها يدرك البون الشاسع الذي طرأ على مفهوم السياسي في تلك الفترة عنها الان خاصة ما بعد احتلال العراق في نيسان 2003 الحدث الذي انعكس على المنطقة ان لم نقل العالم بشكل عام و جميع اقطار الوطن العربي بشكل خاص .. وكما هو معروف فان اول ما يشغل بال العاملين في السياسة في تلك الفترة هو مستوى ونوعية المخاطر التي يمكن ان يتعرضون لها والتضحيات التي عليهم ان يتحملونها، سواء من كان منهم يحمل افكارا تقدمية ويحسب على اليسار او ممن صنف في خانة الاحزاب اليمينية الرجعية بحسب مفاهيم ومصطلحات ذلك الزمان. ومن الطبيعي ان تختلف المخاطر وتزداد جسامتها للمنتمين لاحزاب اليسار عن سواهم من احزاب الوسط او اليمين ، لذلك كانت صفة المناضل هي اعز ما يوصفون به لتميزهم عمن سواهم .. اي ان العمل السياسي لجميع الاحزاب بشكل عام كان يعني النضال بصدق من اجل الجماهير وتحقيق تطلعاتها بحياة كريمة كل بحسب مبادئه التي يؤمن بها .. كان السياسي بقصر على نفسه وعلى عائلته ويدفع من جيبه الخاص لتوفير مستلزمات طباعة المنشورات او اصدار نشرة شهرية او جريدة بسيطة بالات طباعة متواضغة لاتقارن بما موجود حاليا ومع ذلك فانها مكلفة نسبيا عليهم .. وعرفت اقطار وطننا العربي الكبير ومنها العراق شخصيات من عوائل ثرية معروفة انتموا لاحزاب يسارية شيوعية او قومية ودافعوا عن معتقداتهم وضحوا بما يمتلكون من اجل نشر مبادئهم ، كما كانت هنالك احزاب برجوازية واقطاعية لم تكن تعاني مشكلة التمويل لنشاطات احزابها ، لكنها جميعا كانت مقتنعة بان انتمائها للاحزاب يحمل هدفا نبيلا هو العمل على وضع افكارها موضع التطبيق في المجتمع .. لم يكن الاثراء او المتاجرة بالمباديء سمة غالبة لسياسي تلك المرحلة مع استثناءات قليلة جداً سرعان ما تكتشف للعنصر الذي يستغل انتمائه لتحقيق غايات ومنافع شخصية وكان يطلق عليه الانتهازي وهي صفة ذميمة جداً .. باختصار شديد كانت هذه هي صورة العمل السياسي سابقا لذا كان العمل قي السياسة له وقع خاص وخاصة وسط الشباب التواق للتغيير والثورة ، على عكس ما نحن عليه اليوم حيث صار السياسة تقرن بالخداع والكذب وتضليل الجماهير والتلاعب بها والمتاجرة باحلامها .ولا نبالغ اذا اقلنا ان من اسوأ افرازات الاحتلال هو مجيئه بطبقة سياسية انتهازية حقيرة لاهم لها الا جمع المزيد من الاموال وحصد الامتيازات لهم ولعوائلهم وحاشياتهم من امثالهم .. طبقة حولت السياسة الى تجارة رابحة.. طبقة اغتنت على حساب جوع وحرمان الملايين وزرع الطائفية وكل القيم الشاذة وتغييب الوطنية كقيمة تدفع الانسان لخدمة وطنه وشعبه .. من هنا من الصعب بل من السذاجة ان نثق بسياسيي الصدفة او ممن ترشح معهم في مجلس النواب ولاسبيل لخلاص العراق الا بتغيير جذري وحقيقي قادر على ابعاد هؤلاء الفاسدين ووضع حد لهيمنتهم على مشهد سياسي بائس صار محل تندر المواطن البسيط الذي فقد الثقة بهذه الطبقة فهل تتمكن الاحزاب الوطنية من بلورة خطاب وطني توحد فيه الشعب على هدف كبير هو انقاذ العراق من سياسيين سراق وحرامية وبلا ضمير !