عام 2008 عاد أحد الاصدقاء من موسكو وفي ذهنه حلم ان يخدم بلده بعد رحلة دراسة في اوكرانيا منذ عام 1980 حصل فيها على شهادة الكانديدات في الهندسة وهي اعلى شهادة في الاتحاد السوفيتي سابقاً دون ان تصرف عليه الدولة فلسا واحداً ، فهذا الصديق الحالم درس على حساب الدولة السوفيتية التي كانت تخصص مقاعد دراسية للأحزاب الشيوعية في مختلف الاختصاصات .
المفاجأة ان الرجل لم يواجه عسف الدولة البيروقراطية حين ذهب الى وزارة التعليم العالي لعرض خدماته النادرة عليها ، بل واجه جوقة من الموظفين الفاشلين الجهلة الذين حاربوا وجوده منذ أن وطئت قدماه ابواب الوزارة ، فلملم اوراقه ، كما يقول نزار قباني ، ليعود من حيث أتى ثم تلقفته احدى الجامعات العربية مغرقة اياه بالامتيازات !!
حالة ليست نادرة واجهنا مثيلاتها بما لايحصى من الكفاءات التي عادت للبلاد على حلم خدمة بلدهم ثم عادوا منكسرين خائبين وحزناء على بلد يفلت من بين يديه فرصاً نادرة للتطور والرقي من كفاءات مجانية لم تصرف الدولة العراقية عليهم فلساً واحداً !!
لاداعي لذكر الاسماء فهي كثيرة ومنتشرة في منافي الله جاءوا وعادوا بعد ان اعتقدوا ان عراقا جديداً سيحتضنهم حتى دون امتيازات ، لكنهم اكتشفوا في زمن سرعة الصوت انهم في مدفن كفاءاتهم وليس استثمارها منذ تشكيل اول حكومة بعد سقوط الدكتاتورية حتى حكومتنا الحالية !!
للأسف يعتقد رؤساء وزرائنا والوزراء والمسؤولين الكبار ، ان الرعاية والاحتضان من خلال اللقاءات البروتوكولية والصورعلى منصات التواصل والوعود التي تتبدد بعد دقائق من تلك اللقاءات التي تستثمر اعلامياً وتفشل واقعياً !!
في جولة لي على مواقع التواصل ، أستطيع القول دون تردد إن أعداد ومستويات ونوعيات الكفاءات الموجودة داخل وخارج البلاد لو وجدت سياسات وخطط سليمة وصحيحة وعلمية لإستثمارها بالشكل الأمثل في مواجهة الفاشلين والجهلة وفرسان الفساد لكنّا في حال غير حالنا !!
قناعتي إن في الأمر…
سياسات مثالية لمحاربة الكفاءات والصحيح ما اطلق على هذي البلاد إنها بلاد طاردة للكفاءات وحاضنة رؤوم لجوقات الجهلة ومزوري الشهادات !!