· شعرة.. بين مترفع عن السلطة ومتهافت عليها.. لن تنقطع
· الاستحواذ على مواقف الآخرين بالقوة.. من أعراض ديكتاتورية سائرة نحو ولاية ثالثة
جمعتني مناسبة من بعيد، بميسلون الدملوجي.. الناطقة عن الكتلة التي يرأسها د. أياد علاوي، تتقدم هي المدعوين، يكرم أصحاب الدعوة وفادتها، وأنا أنكفئ مع عامة الناس.
كان ذلك ايام الأزمة التي أحدثها نوري المالكي، حين خسر الانتخابات بـ 89 صوتا، نظير علاوي بـ 91 صوتا، وظل متمسكا بالاستحواذ على السلطة، حتى لو جر البلد الى حرب أهلية.
ما يلتمس العذر للطاغية المقبور صدام حسين، وهو يعد وينفذ، الا يسلم العراق الا ترابا.. ذاك معذور لأنه جاء الى الحكم بالقوة، لكن ما عذر من لفظته الانتخابات التي جاءت به…
وقتها لم تسعفنِ كثرة المجاملات، بأكثر من وقفة قصيرة، قلت لها أثناءها: “الناس تتلظى، قلقا، تحتاج إستقرارا، والاستحقاق الانتخابي، مع علاوي، لكن من يحب العراق منهما.. علاوي والمالكي، يقتدي بالأم التي جاءت الامام علي، متنازعة بشأن طفل، مع إمرأة أخرى؛ فقال الامام: – نقسمه بينكما. الدعية وافقت، وأمه قالت: – دعه لها؛ إذ أرادته سالما ولو مع غريمتها.. المهم ابنها حي، والله يعيده اليها كما اعاد موسى الى أمه.. بالعربان ولا بالتربان”.
ولم يخالف علاوي مصلحة الشعب، ولو على حساب استحقاقه الانتخابي، الذي لو تمسك به، لن يقال له: “على عينك حاجب”.
لكنه آثر العراق على نفسه.. حينها، واتمنى الا يكون الآن نادما؛ فيثأر من “أمة خذلته، ولم تصن عهدها” من خلال تنكر المالكي لإتفاق اربيل، ولم تبق سوى شعرة تفصله عن تلفيق تهمة له او لرجاله المؤثرين، كما فعلها مع آخرين.
تصريف أعمال
بتلقائية مؤمن دعا إياد علاوي، الحكومة العراقية التي يترأسها نوري المالكي إلى الاستقالة وتشكيل حكومة تصريف أعمال بهدف الإشراف على الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها نهاية الشهر المقبل، مشيرا الى أن «الحكومة تعودت على اتباع سياسة إقصاء وتهميش الجميع ومن غير المعقول أن تجرى الانتخابات في مثل هذه الظروف» مشددا على أن “سياسة الحكومة التي بنيت على المحاصصة والطائفية هي حاضنة للإرهاب”.
تهميش إجمالي
بعثرت الحكومة قدرات البلد، وألجمت الافواه عن المطالبة بأساسيات حاجاتها.. الماء والكهرباء والأمن والصحة والتربية، ومن يطالب بها، تضعه تحت طائلة القانون، بإعتباره “حاضنة للإرهاب”.
متخلية عن مسؤوليتها، مكرسة جهدها واقتصاد العراق، للفوز بالانتخابات: “لعلنا لا ندافع الا عن بضعة ايام” كأن العراق ليس سوى أنتخابات، تزور، وصولا الى كرسي السلطة، للتمتع بمغانمه، وليس استيفاءً لواجباته.
أمومة
سواء نقلت له الناطقة بلسان كتلته، رأيي كمواطن يريد عيشا رغيدا لعائلته، او لم تفعل، تصرف د. علاوي، بما أملاه شعور الامومة، لدى المتنازعتين طفلا في حضرة الامام علي.. عليه السلام.
حين ارتضى دورا خارج الاستحقاق الانتخابي، متخليا للمالكي عن رئاسة الوزراء؛ إيثارا للشعب على نفسه، ولو به غضاضة، من انانية نظيره، الذي تمسك بما لا يستحق.. عنوة، ثم نكل بالوعود.
هل يثق الشعب برجل رهن استقرار البلد، بنفسه، ثم تنكر لشركائه، واستحوذ على الحكم من دون رغبة العراقيين، الذين اختاروا سواه، لكنه فرض طوقا حول رئاسة الوزراء، مثل صياد يوقع بفريسة، حتى بات العراق فريسة، تتناهشها انياب الضواري، بمختلف تمظهراتها.. فساد وشحة خدمات ومحاصصة جائرة وتفريط باقتصاد البلد ومستقبل الاجيال، واختراقات من دول الجوار.
فماذا حقق المالكي للعراقيين!؟ طوال ثماني سنوات، كي ينتخبوه لإثني عشر عاما!؟
وهل يمتلك اجابة منطقية، نظير دعوة علاوي للحكومة الحالية، بتحييد نفسها، نزولا الى ملعب الانتخابات “هذا الميدان يا حميدان” بتجرد خالص، من دون إمتيازات الحكم التي تكسبهم ارجحية، لكن التعامل مع الانتخابات، تحت شعار “لو آنة لو آنة.. أنتم مخيرون بين انتخابي وانتخابي” بمعنى “تريد صخل أخذ صخل تريد غزال أخذ صخل” و”ما لقيصر لقيصر وما لله لقيصر”.
علاوي لم يكتفِ بتحييد ذاته لصالح الشعب انما تخلى له عن الاستحقاق الانتخابي؛ كي تمشي العجلة، باعتبار شعرة بين زاهد بالسلطة ومتهافت عليها، لن تنقطع.
جوهر الطغيان
الاستحواذ على مواقف الآخرين بالقوة المسلحة، واحد من ابرز أعراض ديكتاتورية صدام، وهي تعيد نفسها، بالطريق الذي يسلكه نوري المالكي، نحو ولاية ثالثة، بعد ولايتين مشكوك بنزاهتهما، أسفرتا عن إهمال للشعب؛ لأن الجواهر تطبع الاعراض بطابعها.