سياسة الحرب على حماس

سياسة الحرب على حماس

شهد العالم منذ اندلاع الحرب على غزة عام 2023 بين دولة الكيان المحتل وحركة حماس , اثناء حقبة الرئيس جو بايدن , بروزنمط جديد في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخاصة بإدارة الحرب العربية الصهيونية , كونها شريك وراع لهذا الكيان سواء بالخفاء أو العلن ,  إذ قدمت له بالخفاء الدعم اللوجستي الكامل والمبالغ به احيانآ وخاصة في الجانب التسليحي الذي تركز علىشحن القنابل الثقيلة والصواريخ الذكية ,

فضلآ عن الدعم الإستخباري والإستشارات العسكرية الخاصة بالميدان والتعبئة , وكانت تستعرض اسلحتها الجوية والبحرية امام انظار الدول العربية كأي مهرج يستعرض  مهارته بالسكاكين امام حشد مزدحم فوق جسر جورج واشنطن في الساعات الصباحية الأولى , مهددة انها ستتخذ اشد الإجراءات العسكرية الرادعة لأي دولة عربية تحاول ان تقدم الدعم لحماس وتوسع به دائرة الحرب في الشرق الأوسط .

اما بالعلن فقد قدمت دعمآ ماليآ بلغ اكثر من المئة مليار دولار من ناحية , وحرَّضت كل دول اوربا على دعم الكيان ماليآ وعسكريآ وإعلاميآ , وبهذا النمط من الدعم والتحريض والتهديد غير المسبوق في الحروب السابقة , الغت الإدارة الأمريكية سياسة حساب الدقة بالحرب من ناحية الإلتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية ,

فلم تعط اي إعتبار للضحايا من المدنيين مهما بلغت بالفئات العمرية المختلفة , وبذلك اعطت الضوء الأخضر للكيان المحتل ليتولى الحرب والإستمتاع  بالمكاسب الجيوسياسية التي تحققها له بأي سلاح مدمر يختاره وأي وقت وزمان يختاره على الأرضمن ناحية اخرى .

والواقع ان بوادر هذه السياسة الداعية بالأساس على الإستفزاز والتحريض بشن الحرب على الفلسطينيين , بدأت عندما تحوّل ترامب قبل التنصيب رئيسآ لأمريكا الى اليهودية بتشجيع من الصهيونية العالمية وفي مقدمتهم عائلته المتحولة قبله  وصهره كوشنر , في مقابل منحه الرئاسة بشرط تنفيذ صفقة من الوعود على نمط الصفقات التجارية  ,

من هذه الوعود نقل السفارة الأمريكية الى القدس , والإعتراف بالقدس كعاصمة ابدية لدولة الكيان , والإعتراف بإنضمام الجولان المحتل الى الأراضي الفلسطينية المحتلة . بعد الفوز بالرئاسة عام 2017 , تم تنفيذ الصفقة كاملة واعتبرت الصهيونية العالمية  ان الزمن الحالي هو , حقآ , زمن  المجد والنمو لدولة الكيان الغاصب الذي وعدتهم به التوراة ,

اما في الحقبة الثانية , فقد اعطى ترامب  للصهيونية العالمية  حق الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية كوعد جديد , إلا انه تراجع الى سياسة الضغط القصوى بدلآ من الهجوم , وهدد ان إيران سيحدث لها ضررآ جراء عدم التفاوض لتعديل الإتفاق النووي , والواقع ان إيران الإسلامية قالت على  لسان الرئيس بزشكيان : لن نتفاوض وليفعل ترامب مايشاء !

بالعودة الى الحرب على غزة , فقد تغيّر نمط الحرب بالسياسة التي تلغي الدقة بالحرب , الى سياسة بإستراتيجية الصقورالمنتقمة التي تعتمد على الإنفتاح بالتموضع المتعدد بالجبهات الداخلية امام وداخل قطاع غزة , والمتابعة بالغارات الجوية الشاهقة والمباغتة , واستخدام اجهزة الرؤية الليلية اثناء الليل . وهذه في بعضها من سمات الصقور في صيد الفرائس .

اما ردود افعال هذه السياسة والصفقات الصهيونية على السلطة الفلسطينية , فقد تمحورت بإستراتيجية زغاليل اليمام المتجمعة في قفص داخل طائرة اثناء مرورها بمطبات جوية تستلزم من ركابها ربط الأحزمة  ولاشيء غير ذلك , وبات من الصعب والمجهد ان تتأمل مايلزم من هذه الزغاليل  في اطار صراعها الدائم مع الصهيونية .

اما دول التطبيع العربية الممتده من عنق الخليج الى المحمولة فوق كتف البحر الأبيض , فأتخذت من إستراتيجية اليمام التي تمتاز بطول الآذان الموجهة الى تعاليم الصقور الأمريكية والصهيونية فحسب , منطلقة من ضعفها الأبدي الذي لايرقى الى مقارنته مع اي مخلوق ضعيف على الأرض ,

فهذه الدول كانت ومازالت بسلوك إيثاري الى تحقيق مصالحها التجارية , ويكفي من شعوبها انها خضعت كخضوع الأنثى المسلمة التي يستحيل منها ان تتأرجح في بيت الزوجية من دون اذن زوجها , لذلك شرع احد هؤلاء الأزواج الى الوسوسة بأذن ترامب لتعجيل الخلاص من حماس وتهجير الفلسطينيين ,

وكأن ترامب من اعمامه والصهاينة اخواله , وإذ ذاك سيشاركهم في مشاريعهم في غزة , فأي سلوك يضاهي سلوك زوج يلصق نفسه بالصهيونية ويتأمل ان يربح من بيع اهله وابناء جلدته ولا توجد بينه وبينهم اي خلاف على صفقات او تضارب بالمصالح ؟

الجواب : انه سلوك التفاني الشاسع بالشر من اجل الصهيونية على حساب موت وتهجير اخوانه بالحرب بلا وازع انساني او اخلاقي , وبهذا يتجاوز بضرّه ضرّ استراتيجية اليمام الى ضرّالسياسة بإستراتيجية القطط والكلاب التي تأكل ابنائها ليفوز بقول الشاعر : ماضرّني غير اخ الى الخراب … يزقو خلف ظهري كالغراب !

ختامآ , ان السياسة بإستراتيجية الصقور المنتقمة كانت بلا قلب بشري كالذي يملكه الملاكم كونور كوك عندما وجه ضربته القاضية الى وجه خصمه ورفض الإحتفال بالفوز قائلآ : نحن مقاتلون شرسون , ولكن لدينا قلوب  , بل كانت بوحشية الكائنات المفترسة وبنرجسية وغطرسة الكائن البشري المنتقم منذ اندلاع الحرب في السابع من اكتوبر عام 2023 ,

ولسوء الحظ ستصبح هذه السياسة وراثية عندما تلعب ورقة الصهيونية بقواعد الانتخابات الامريكية لتكون لصالح الكيان الصهيوني , وهكذا ستتعاقب بالرؤساء الأكثر انجرارآ وراء تقديم الوعود له طمعآ بالرئاسة , لأن البدء بأي ظاهرة تختلف عن سابقاتها , لابد تتكرر وخاصة عندما تكون السياسة العربية بإستراتيجية اليمام الذي لا ينجم عنه اي اداء لصالح فلسطين , غير الوقوف كسرب مرغم في موقعه بعيدآ عن مواضع الإفتراس .

أحدث المقالات

أحدث المقالات