23 ديسمبر، 2024 4:13 ص

سياسة الافغنة تدخل حيز التنفيذ

سياسة الافغنة تدخل حيز التنفيذ

من خلال التصريحات التي سمعناها و شاهدناها عبر وسائل الاعلام من المسؤولين الافغان الجدد وحديث الاغلبية والاقلية في مسار حكمها و بعد ان باتت أفغانستان في قبضة طالبان ،و أنّ ما حصل فشل للمجتمع الدولي الذي لم يفهم أن الأمور لا تُحلّ في ليلة وضحاها، فكانت الكارثة التي اعادة طالبان للسيطرة على كابول لتختتم فيها حكومة هشة ضعيفة غير متوازنة كانت تسيطرة على زمام الأمور دون ركيزة أساسية للنظام الحقيقي وهروب مسؤولها الأول غني اشرف دون مواجهة وترك البلاد في مهب الريح، فيما احتشد آلاف الأشخاص يائسين في مطار كابول لمحاولة الهرب وسط حالة من الفوضى العارمة والخوف المرعب ، وتفاقم الوضع في المطار الذي اجتاحت حشود مدرجاته إلى حد تعليق كل الرحلات المدنية والعسكرية و عبرت الطائرات الحدود بشكل غير قانوني إلى أوزبكستان، يمكن ان نستنبط ان سياسة طالبان سوف لن تختلف عن السابق الا ان عامل الوقت هو الذي يدعوهم للتريث حتى تثبيت امارتهم في تطبيق مفاهيمهم.ويسود شعور قوي بالانتماء الطائفي في المقاطعات الأفغانية الأربع والثلاثين، ويحرص كل من الهزارة و البشتون والطاجيك والأوزبك للتعبير عن ذلك و،يرغب بعض الأفغان في إظهار انتماءاتهم العرقية على بطاقة الهوية: طاجيك، هزارة، بشتون.. فضلا أو في مكان “الجنسية” الأفغانية،وهذا المطلب لن يؤدي في نظرالمحللين سوى إلى تعزيز الانقسامات و يصبح الانتماء إلى الطائفة أساس النزاعات المستقبلية ، ولاشك في ان تربط النخب السياسية الجديدة مصالحها الشخصية بالمطالب الخاصة بعرقها، بدل أن يحيط الساسة أنفسهم بوجوه سياسية مؤثرة تسمح بكسب أكثر الأصوات الممكنة من هذه المجموعة العرقية مما تؤدي الى انعدام الامن المستمر و ينتج عنه غياب التماسك الوطني، وإني على قناعة من ان الحرب العرقية -التي كانت تثير مخاوف شديدة- سوف تكون حادثة بين لحظة وأخرى. ان الطبيعة المتوارثة هي جزء من تركيبة اجتماعية من المستحيل تغييرها أو التأثير عليها بروتوش من نوايا الإصلاح المجتمعي. النوايا الطيبة تظل مشاعر وجدانية، لا تستطيع تغيير الواقع، ولهذا يستمر الساسة البارعون في تأدية أدوارهم برغم كل الظروف المحيطة بهم، فلا يمكن أن يتوقف عن أداء العروض لطالما حصلوا على الأموال وتصفيق الجماهير المتأثرة بالقيم القبلية والمناطقية. القلق من بسط طالبان سيطرتها على البلاد و أن تغرق مجدداً في حرب أهلية طاحنة طويلة الأمد تشارك فيها مختلف القبائل، وبذلك تخسر أفغانستان كل ما تحقق من تطورات إصلاحية معقولة على صعيد الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، وحقوق المرأة والتعليم. وهناك سوف تكون الطامة الكبرى ، إذ ستعود أفغانستان إلى عصور الجاهلية في ظل حكم متزمت لا يؤمن بالحريات ولا بالديمقراطية ولا بالانتخابات، ويقيد المرأة، ولا يعترف بحقوقها الإنسانية، ولديها دستورها الجاهز الذي يقوم على الشريعة وفق مفاهيم الالتزام والانغلاق.

كما هو المتوقع ايضاً ان افغانستان ستصبح نقطة جذب للإرهابيين، أي “الأفغنة”، ، ناهيكم عن الأخبار المتداولة عن دخول كثيرين منهم بالآلاف عبر الحدود التركية، بعد ان يواصل الجيش السوري من كل الجبهات لفتح كنس الدواعش واقتلاعهم، وسط كل هذا، سادة المشهد الغربي ، و القابضين على دفة القيادة، وعصب هذه التحركات ونقطة ارتكازها ويمسكون بتلابيب الملف المسرحي ، ويفرضون إيقاعها على اللاعبين.