شكرا والف شكر لك يا استاذ سيار وشكرا لجميلك في مسالة الشخصية العراقية وعرفانا بتحسسك لالامها ،لانها حسب تعبيرك نتاج ظروف لم يشهدها اي انسان على وجه الارض ، ولو شهدها انسان اخر وفي بقعة اخرى من الارض لاصابته بالعمق كما اصابتنا نحن العراقيين ، وانا اسلم معك بفعل الظروف الموضوعية سيبقى العراق بالاسم فقط ، وان الشخصية العراقية غريبة الاطوار، وانك تسلم معي ان قتل المراة واظطهادها ليس في العراق فقط وانما في مصر مثلا او الاردن عملا بتقاليد عربية بل وبالرجم الاسلامي للزانية والزاني ، هذه ظواهر موروثة والسلب والنهب ورثناها من البدو الاجداد ولك في كتابات استاذنا الراحل علي الوردي خير دليل على ما اقول ، ولكن لنرجع الى المؤرخ ارنولد تونبي ، ونظريته المشهورة التحدي والاستجابة واقول تمهيدا لفكرتي ، ان العراق واجه منذ ان تشكلت دولة الكوفة (وهنا مكمن العلة)تحديات على شكل حروب بدا من السيف وانتهاءا بالكيمياوي في مطار بغداد عام 2003 وهذه الحروب لم تك ليبتلى بها العراق لو لم يك ارض السواد ومنابع النفط ،ولو كانت ارضه كارض الاردن لما حل بها غازي او فكر بها كيسينجر .
والاستجابة كانت لتك معقولة لو انها عزوة واحدة ولكن تعاقب الغزوات ووحشية الفتك واساليب القهر والدمار المشهود عقب كل غزوة يبلى الحديد ويموع الحجر فكيف بك والعراقي بشر ، ولاضرب لك مثلا قريبا ، هل كنت تعقل ان امريكا ستحتل العراق وفي القرن الحادي والعشرين لتشكل سابقة خطيرة بعد الحرب العالمية الثانية ، وهنا نعود الى الشخصية غير المنضبطة للعراقيين ،حين يتركون المحتل يتوسع داخل اراضيهم وينطلق الكثير والكثير منهم لينهب اموال دولته وليسرق مصارف اموالها وليهتك حرمة قوانينها وليدمر اثارها التي يحلم اي شعب كما تقول على هذه الارض ان يمتلك مثلها ، ذلك ان هذا التحدي استجاب له الشاذ ومن هوممتلئ حقدا على دولة صدام التي كانت تصيب العراقيين بمقتل تلو المقتل وفي رجالهم ونسائهم كما ترى انت ، ولكن امام اؤلئك الشواذ كانت استجابة الاغلبية استجابة وطنية مفادها مقاومة هذه التعديات على حرمة هذا البلد شانهم شان كل شعب ،ولقد تعمد الامريكيون ومن جاء معهم ترك هذه القطعان المريضة تفتك بالمزيد من مقومات حياة هذا البلد المعطاء،سييدي الكاتب العزيز ، ان الشخصية العراقية كما يرى الدكتور الوردي هي نتاج تفاعل البداوة بكل ما تحويه من مرؤة وشجاعة والاغارة على ممتلكات الغير وهي ذاتها التي عملت فعلها بالاستجابة للاحتلال الاخير باتجاهين الاول ، هو الفرح والمستجيب للاحتلال والمبارك له ولسببين الاول الحقد الدفين على نظام البعث ومخرجاته والثاني هو التفكير المقطوع وللجهالة انهم يسرقون اموال صدام، اما الاتجاه الثاني وهو الغالب والصامت اليوم والذي وقف بالخفية ضد الاحتلال لكي لا يتهم من انه يدافع عن صدام ونظامه ، ووقف بالعلن ضد الاحتلال وتبلورت مواقفه منذ اللحظة الاولى يدافع عن هذا الوطن ضد المحتل ومن جاء معه على السرفة الامريكية، وان تمرد الشخصية العراقية حتى على نفسها نتيجة لغلو وتمادي الحكام الجددفي الالحاق المنظم للاذى بالعراق ،وقد صعقنا جميعا من وتيرة الحفر وشق الشرخ تلو الشرخ في بنية هذا المجتمع من اللحظة الاولى لتشكيل مجلس الحكم ، ولمجتمع تكاد وحدته تكون فوق كل شي اعقاب تشكيل الدولة العراقية عام 1921 وهو يغادر احضان الدولة العثمانية ، حتى بداية الثمانينات عندما اشعلت امريكا الحرب بين العراق وايران ، ولتولد تلك الحرب حروب اخرى مشوهة الاشكال ابتداءا من الحرب على الكويت وصولا الى الحروب مع داعش عصارة يد امريكا ،كل هذه العوامل ومنذ سقوط بغداد عام 1258 م على يد هولاكو والمجتمع العراقي يلتهم كل يوم عادة سيئة منها ونتيجة لتراكم الخوف في النفس العراقية (اني شعلية) اي لا دخل لي بذلك بتعير اخوتنا المصريين امشي جنب الحيط ، وهو بذلك اي الفرد العراقيونتيجة لتراكم الخوف يظهر كما تقول عكس ما يخفي وبسبب النكبات المتلاحقة عبر التاريخ تراه ميال للبكاء السريع ولا ادل على ذلك طريقة قراءةالعراقيين للقران الكريم ، او ما تشوب الاغنية العراقية من الحزن العميق، واود ان اوضح للسييد سيار ان كل ما جاء في مقالتك صحيح وان العلاج لكل مشاكل العراق قبل كل شن ان يترك هذا البلد خارج افكار ومخططات الغير وان تسمح امريكا ولو على سبيل الافتراض لمثقفي هذا الشعب وليسارييه ان ياخذوا دورهم (وهم الاكفا والاقدر) على اخراج هذا البلد من عذاباته النفسية ومن ازدواجية السلوك الى رحاب العالم السليم….