ها هو الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن يعلن عن معرض للوحاته الفنية التي رسمها مؤخراً بعد تلقيه دروساً في الرسم، عقب تركه البيت الأبيض،والمعرض بعنوان ” فن القيادة الدبلوماسية الشخصية لرئيس”، مبيناً لصحيفة ” دالاس مورنينغ نيوز” إنه اهتم أكثر بالأمر بعد قراءة كتاب “الرسم للتسلية” الذي صدر في 1948 لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستن تشرشل. مضيفاً ” إنها وسيلة للإبداع. أنا أستمتع بالإبداع.. يمكنك أن تعبر عن نفسك بطريقة فريدة “.والمعرض يا أصدقائي يحتوي على 20 لوحة ستقدم رؤية قريبة للعلاقات الفريدة للرئيس بوش مع قادة العالم الآخرين ، ومن المؤكد ستحتوي اللوحات الفنية لبوش الابن على تأملاته الشخصية ،إلى هنا الكلام جميل جداً فالرئيس الثالث والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية مسترخي ومنفتح على الحياة الطبيعية ولا اعتراض مني على ذلك، ولكن هذا الخبر أثار شجوني بخصوص الرؤساء في بلداننا العربية وحتى لا أخذكم بعيداً في الأزمان الغابرة فالرئيس الجزائري “بو تفليقة ” يصر على الخروج من مهامه الرئاسية وهو جنازة ، والرجل في أخر تصوير رئاسي له بدا أشبه بميت !.
وليس ببعيد عنا ما حدث في السنوات الأخيرة لبعض الرؤساء في محيطنا الإقليمي فالرئيس عندنا يجب ان يتربع على كرسي الحكم حتى الممات “وإذا ما مات شلون بالله” ، وعندما نرى التغير المستمر في رؤساء دول العالم المحيطة بنا والقريبة جداً كتركيا وإيران ،نعم إيران تلك التي تنتقدها المنابر الإعلامية العربية الكبرى فهي تنتخب رئيس وهاهم يتغيرون وبشكل دوري وعلى مرأى من العالم وقبل أشهر قريبة غادر الرئيس الإيراني احمدي نجاد القصر الرئاسي على دراجته النارية البسيطة مؤكداً أنه سيعود إلى الجامعة بعد انتهاء ولايته الرئاسية وسيمارس التدريس فيها.
لست هنا لأقارن بين رؤساء الدول بمدى فترة حكمهم وطولها أم قصرها وإنما على إدراك إن شعوب تلك الدول التي اقصدها والتي يعي إفرادها جيداً إن رئيس الدولة موظف يجزى براتب وظيفي مهمته رعاية مصالح بلده وشعبه وممارسة دوره في جمع وجهات وأراء مواطني البلد وسياسييه ،فلماذا تقبل شعوبنا العربية إن يحكمها رؤساء يأكل عليهم الدهر ويشرب ولماذا يصر هؤلاء الرؤساء على البقاء في سدة الحكم رغم كل ما تعانيه شعوبهم من ويلات الألم والخسارة المتلاحقة في المنطقة ،إن تجدد الدماء الرئاسية ضرورة حتمية لبلدان المنطقة ومنها العراق وهذا الأمر يحتاج إلى تشريع يضع قواعد وأسس يتم بموجبها تغيير الرئيس كلما اقتضت الحاجة لذلك نتيجة لمرض يبقيه في الفراش أشهر وربما أعوام !، أو إعلانه الانسحاب فيصار إلى ترشيح وانتخاب رئيس جديد بمنتهى السلاسة والاستقرار.
وفي العراق فرئيسنا المناضل الكبير جلال الطالباني يستحق الثناء والتبجيل لمسيرته الكبيرة ، ولكنه لا يستطيع الاضطلاع بمهامه الرئاسية المهمة بسبب المرض الذي الم به منذ ما يزيد على السنة وهو ما يعكس خطورة غيابه عن مهامه الرسمية كرئيس للجمهورية ، فالعراق بكل أزماته ومنها توتر الوضع بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان نتيجة لترحيل المشاكل الجوهرية كل عام إلى عام بعده ، وهناك أزمة الأنبار والفقر في الجنوب رغم الكم الهائل من المستخرج من نفطه والذي يدعم موازنة انفجارية قدرت حسب وزارة المالية العراقية نحو 150 مليار دولار تقريبا، وهي الموازنة الأعلى في تاريخ العراق.
والرئيس في كل دولة موظف يتقاضى راتبه مقابل خدمة الناس،فمتى يحكمنا رؤساء ينهون مهامهم بشكل سلس ويغادرون القصر الرئاسي بتفاؤل والعودة إلى الحياة الطبيعية لهم كمواطنين أصحاء قد يحتاجهم البلد مرة أخرى في شؤون سياسية واجتماعية وخدمية في المستقبل”حلم”.
كاتبة صحفية