13 أغسطس، 2025 10:01 م

سياحة في مملكة التنابل

سياحة في مملكة التنابل

يُروى أن ملكًا أراد أن يُحكم سيطرته ونفوذه، ويكتم أصوات المعارضين الذين كانوا يطالبون دائمًا بضرورة استرداد الحقوق المسلوبة، والمشاركة في الحكم، وإجراء انتخابات ديمقراطية وعادلة.
جمع الملك وزراءه ومستشاريه؛ بحثًا عن حيلة تُنسي الشعب فكرة الثورة والعصيان، وتُبعدهم عن المطالبة بالمساواة في الحكم وغيرها من الشعارات التي تُثير الرعب في قلب الحاكم المتسلّط.
بدأ الوزراء والمستشارون بتقديم مقترحاتهم، فاقترح بعضهم التحول الشكلي نحو الديمقراطية، وإجراء انتخابات صورية يفوز بها الملك بنسبة 100%، كما هو الحال في بعض الأنظمة. بينما رأى آخرون استخدام القوة واعتقال المعارضين، إلى جانب أساليب القمع والترهيب.
لكنّ كل هذه المقترحات لم تلقَ قبولًا لدى الملك، لما تحمله من مخاطر تهدد عرشه، وتُدخل البلاد في مشكلات جديدة قد تثير سخط المنظمات الحقوقية وسط موجة الديمقراطية التي تجتاح المنطقة.
كان هناك مستشار وحيد بقي صامتًا، وقد لاحظ الملك صمته باستغراب، متسائلًا: أليس عندك رأي أيها المستشار الحكيم؟ هل عجزت عن إيجاد حل لهذه الأزمة؟
نظر المستشار إلى الملك وباقي الحضور، ووجّه إليهم سؤالًا:
ــ لماذا يتظاهر الشعب؟ وماذا يطالب؟
أجاب الجميع، ومن بينهم الملك: تحسين أوضاعهم المالية والمعيشية.
فسألهم: وكيف يمكن تحقيق ذلك؟
قالوا: من خلال العمل وكسب المال.
فقال المستشار: وماذا لو حصل الناس على المال دون تعب أو عناء؟
ضحك الملك ساخرًا وقال: لا شك أنهم سيشعرون بسعادة غامرة! مال دون عمل؟ هذا أمر ساذج وغير منطقي!
ابتسم المستشار وقال: إن أردت أن تحكم شعبًا دون مشاكل، فامنح كل فرد منهم دينارًا من الذهب مقابل تسجيل اسمه يوميًا في ديوان المملكة، ودع الأمور تأخذ مجراها.
استحسن الملك الفكرة وقال: لِمَ لا؟ لن أخسر شيئًا! فلنجرب.
وانتشر الخبر سريعًا في أرجاء المملكة:”كل من يُسجّل اسمه يوميًا في ديوان الملك يحصل على دينار ذهبي.”
فهرع الناس إلى الديوان، واصطفت الطوابير الطويلة، وتنافس الجميع على منحة الملك السخية.وكان على كل فرد أن ينتظر يومًا كاملًا حتى يحين دوره، فانشغل الناس عن الثورة والهتافات، وتركوا أعمالهم ومصالحهم، ولم يفكروا في شيء سوى في الوقوف بالدور للحصول على دينار الملك.
وهكذا، أدرك الملك أن أسهل وسيلة لحكم شعب من “التنابل” هي أن يُشغلهم بالكسل والطمع، فقد كان بإمكانهم أن يحصلوا من خلال العمل على أكثر من هذا الدينار، لكنهم رضوا بالخمول والتقاعس.

أحدث المقالات

أحدث المقالات