المعروف عن العراقيين انهم اصحاب نكتة ، ومن النكات او الطرافة التي غالباً ما يتحدثون بها او يقولونها في اي قضية او مناسبة ليست بمعقولة قولهم (سولفها عالدبة) . اما اليوم فقد اختلف هذا المفهوم – وبحسب الظروف وتطورات الحدث- فاخذ بعضهم يقول (سولفها عالكرطة) .
وهذا لم يأت جزافاً او اعتباطاً ، فقد نقلت لنا بعض وسائل الاعلام ان حيوان(الكرطة – البعيو) قد ظهرت مجدداً هذه الايام في جنوب العراق ، وان هذا الحيوان العجيب راح يهدد الناس ويقضي على مواشيهم ، مما شكل لديهم حالة من الخوف والتذمر والذعر ، اذ ان هذا الحيوان يفترس الانسان والحيوان معا.
وقد كانت الكرطة قد اختفت من الوجود لعدة عقود من السنين ، لكن ظهورها مجدداً هذه الايام يجعلنا نتساءل الف سؤال وعلامات استفهام . فبالأمس ظهرت حية سيد دخيل التي ارعبت الناس هناك وخلفت عدة ضحايا لدغاً ونهشاً حتى الممات ، ومن ثم ظهرت قضية التمساح واليوم تظهر قضية (الكرطة )، والله اعلم غداً ماذا تظهر من قضية قد تشغل العراقيين ، وبدل ما يفكرون في قضايا النفط والغاز والحصة والكهرباء والفساد الاداري والمالي المستشري في البلاد ، فانهم يغدون اشد تفكيراً في القضية التي سوف تظهر لهم ، لا والمشكلة ان مثل هذه القضايا تظهر لدى اهلنا في الجنوب ولم تظهر في غيرها من المناطق الاخرى ، وهذه ايضاً ملاحظة اخرى ونقطة يجب الالتفات اليها .
امي (رحمها الله) كانت تحكي لي عن (الكرطة) في خمسينيات القرن الماضي بحكايات عجيبة غريبة هي اشبه بحكايات الف ليلة وليلة ، وانا في طفولتي تلك كنت اصدق هذه الحكايات وارتجف من الخوف معتبر ذلك حقيقة مطلقة .البعض يعتبر ان الكرطة حيوان خرافي حاله حال الطنطل وابو الهول، وانا بعد مراجعتي كتاب (حياة الحيوان الكبرى) للعلامة الاميري ، وجدت ان لهذا الحيوان حقيقة ساطعة ، وليس هو من نسج الخيال ، فقد سمى الدميري هذا الحيوان بالبيغو او الظرب ووصفه وصفاً دقيقاً اتمنى على القارئ الكريم ان يراجع الكتاب بنفسه ويرى بأم عينه ماذا يقول عنه المؤلف ، فقد وصفه بان حيوانا اكبر من القط واصغر من الكلب ، وانه قوي جداً وان جميع الحيوانات تخافه بما فيها الاسد والذئب . ودعواي اقول اللهم: سلط على كل من يبغض العراق واهله من السياسيين والمتسيسين ومن يسرق أموال الشعب ظلماً وعدوانا ان يسلط عليه الكرطة قبل ان يكرط اموال العراق .