لم تكن العلاقات الرسمية بين بغداد ودمشق طبيعية منذ البداية فقد انشطر البعث العربي الى جناحين لا يربط بينهما رابط قبل الحرب العراقية الايرانية ومعها وبعدها ، اما بعد سقوط البعث العراقي ودخول القوات المحتلة الى العراق واقترابها من مجمل الاحداث بل واشرافها على مجريات الامور في الشرق الاوسط الملتهب ، وكذلك بروز الغول الايراني الى السطح في معادلة متناقضة مع وجود الاميركان في العراق ووصوله الى بغداد ومصدر القرار فيها والعمل وفقا للاهداف و الرؤية التي يرسمها الولي الفقية الذي لم يتخلص من تاثيرات الذهنية الامبراطورية الفارسية القديمة التي حكمت نصف العالم بحسب ما يبثون هذا في عقول صغارهم وكبارهم ويتوقون لتلك الامجاد الغابرة ، وفي هذه المرحلة كانت دمشق ترى التهديدالمتاتي من قرب القوات المحتلة من حدودها فكانت ترغب بل تساعد وتدفع باتجاه خلخلة الوضع العراقي المتارجح بين كل هذه التقاطعات .
وصلت العلاقة المتشنجة بين حكومة بغداد المالكية وحكومة الاسد الدمشقية حدا هدد فيه الاول بقطع العلاقات كل العلاقات مع الحكومة السورية وحتى رفع القضية الى الامم المتحدة لان سوريا وتحديدا المخابرات السورية هي التي تشرف على تجنيد الارهابيين وارسالهم الى العراق وتوفير كل التسهيلات اللوجستية والتخطيط لتنفيذ الاعمال التفجيرية في العراق الاميركي من وجهة نظر سورية ، وهنا فان المحصلة ان العلاقات العراقية السورية ليست على ما يرام في العهد الصدامي وما بعده والى اليوم وما إنبدأت الساحة السورية الداخلية تلتهب ومع خروج المظاهرات في المدن والبلاد السورية فقد اصيبت الذاكرة العراقية بالنسيان والهذيان وتم احراق الملفات المعلقة التي احتفظت بها الحكومة المالكية لادانة حكومة دمشق وبيان تورطها في اوحال العراق ، وبين هذه وتلك تحولت حكومة دمشق في عيون الحكومة العراقية الى صديق حميم لا يمكن التخلي عنه بوحيٍمن الاشارات المتبادلة مع حكومة الولي الفقية التي تشبك خيوط اللعبة في العراق وتصدر اوامرها الى الساسة العراقيين لينفذوها بلا تردد بعيدا عن حسابات مصلحة الشعب العراقي حيث ابعدوه عن محيطه العربي بلا مقابل يذكر وليتركوه وحيدا اذا ما انقلبت الموازين في سوريا بعد الاسد ؛ ناهيك عن تردي الداخل العراقي الذي يترنح ولا يستطيع الصمود امام أي هزة او عاصفة او حتى هبة بسيطة من ريح الشمال او الجنوب ، لقد اصبحت حكومة دمشق الممثل الشرعي والوحيد للعدالة السورية والشعب السوري بل لعل بعض الابواق التي تنفخها حكومة بغداد جعلت من الاسد وحكومته صماما للامان في العراق وقالت ابواق اخرى انها حرب طائفية بثوب الانتفاضة الجماهيرية وربما ذهب بعضهم الى ابعد من ذلك فجعلوا بشار الاسد حامي ثغور السلالة المحمدية وهو الذي لا يعرف هل ان الولاية اصل ام فرع في قوانين التشيع العلوي الجعفري المهدوي؛ واذا ما تركنا كل هذه التفاصيل التي تدور بالقرب من الهامش وليس في صميم الهدف فما هي المصلحة المتاتية من الوقوف مع طاغية مثل بشار الاسد يقوم بقتل الشعب السوري بدم بارد تماما كما كان صدام حسين يفعل بنا فهل نسي اهل الحل والعقد في العراق كيف كانت حجم الجريمة التي ارتكبها صدام بحق العراقيين ، واذا قال البعض ان السلفية هم قادة الثورة في سوريا فهل ان الدعم العراقي للاسد يوقف هذه الثورة وكيف يحق لنا ان نتدخل بالشان السوري الداخلي ونحن ضحية التدخلات الخارجية ولعل وقوفنا على الحياد يقلل من عداء السلفية للعراق حكومة وشعبا ، واذا قفزنا على هذه الحقيقة فما هو التدبير والاحتياطات التي وضعها الساسة واهل السلطة في العراق للتصدي لاي تدخل خارجي مدروسا كان او تلقائيا وهل تعلمون ان الواقع العراقي الداخلي مدمر ويحتاج الكثير لترميم الدمار الذي لحق به من سنوات الحروب والحصار وسنوات حكمكم المريرة الطويلة المجدبة .. والجواب حاضر انه لا شئ لا شئ .