أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان صباح اليوم السبت (30نوفمبر/ تشرين الثاني/ 2024) أن فصائل المعارضة المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام وفصائل مدعومة من تركيا، سيطرت على معظم مدينة حلب في شمال سوريا.
وفي سياق آخر، أفاد المرصد بأن قوات الفصائل المسلحة السورية سيطرت على مدينة معرة النعمان، بعد انسحاب قوات النظام منها باتجاه مدينة خان شيخون, كما انسحبت قوات النظام أيضًا من قرية في ريف حماة. وقال المرصد في بيان صحفي نُشر اليوم، ومقره في لندن، إن “قوات النظام انسحبت من كامل محافظة إدلب، بما في ذلك مطار أبو الضهور العسكري، باستثناء مدن خان شيخون وكفرنبل في جنوب المحافظة، حيث تتواجد قوات عسكرية ضمن مركز المدن”، مشيرًا إلى أن قوات الفصائل المسلحة تواصل عمليات التمشيط في القرى والبلدات لإطباق الحصار على تلك المدن. ووفقًا للمرصد، بلغ عدد المناطق التي تم السيطرة عليها خلال اليوم نحو 50 قرية وبلدة.
كل ذلك يجري تحت نظر ومسمع الدول ذات العلاقة :
روسيا : وبسبب انشغالها بالصراع في أوكرانيا المدعوم من الناتو أدى إلى تضييق نطاق قدراتها في التدخل والمناورة لصالح النظام السوري، مما أجبرها على الاكتفاء بضربات محدودة وغير مباشرة رغم الوعود بتقديم مزيد من الدعم العسكري.
أيران : أصبحت إيران ليست كما كانت قبل أحداث حرب غزة ولبنان الأخيرة، حيث تم كسر ما يسمى بوحدة الساحات، مما أضعف قدرتها على تقديم تعزيزات عسكرية إضافية, على الرغم من وجود قواتها المسلحة على الأرض، إلا أن اغتيال العديد من قادتها وقصف مقراتها ورصد تحركاتها عند عبورها الحدود العراقية جعل منها هدفاً سهلاً، مما أضعف قدرتها على الدعم العسكري، خاصة مع فرض رقابة أمريكية على حركة فصائلها ومستشاريها وفرض عقوبات على العديد من نشاطاتها.
حزب الله : أصبح حزب الله الذي كان له دور كبير في المعارك السورية، وخاصة عندما وجد نفسه وحيداً في مواجهة العدوان الصهيوني في الجنوب اللبناني المدعوم من أمريكا، في وضع أضعف, فقد أفقد الحزب العديد من قياداته الميدانية والمجلس العسكري والسياسي، بالإضافة إلى اغتيال أمينه العام وخليفته، وحتى قياداته الميدانية في سوريا وقصف مقراته.. هذا الضعف العسكري أجبر الحزب على الموافقة على القرار 1701 وبالتالي وقف اطلاق النار، مما كسر وحدة الساحات مع مراقبة تحركاته عبر الحدود.
الفصائل العراقية : أصبحت الفصائل العراقية المسلحة التي كان لها دور بارز في الحرب السورية وتثبيت نظام الأسد بدعم إيراني فاعل، في وضع أضعف, فقد تعرضت لقصف مقراتها واغتيال العديد من قادتها داخل الأراضي السورية، بالإضافة إلى تحديد حركاتها من قبل الطيران الأمريكي والصهيوني.
هذا الضعف أثر على قدرتها على المناورة والحركة، وبالتالي على مدى وحجم الدعم الذي يمكنها تقديمه، حيث أصبحت هذه الأمور تحت المراقبة المباشرة للكيان الصهيوني وأمريكا عند عبور الحدود العراقية.
أمريكا وأوروبا : تحاولان منع النفوذ الإيراني وكذلك الفصائل العراقية المتواجدة هناك، وأضعاف الدور الروسي.
تركيا اللعوب : الداعم الرئيسي والمباشر لفصائل المعارضة في إدلب، بغض النظر عن تسمياتهم (النصرة وجيش الحر وهيئة تحرير الشام)، جمعتهم في ما يسمى بـ”إدارة العمليات المشتركة”. على الرغم من الخلافات السياسية والأيديولوجية بينهم، إلا أن السؤال يبقى: هل ستقبل النصرة، وهي إحدى وجوه داعش، بهذا التقسيم في الإدارة، أم أنها ستنقلب على داعميها كما حدث مع سابقتها في العراق؟ تخطط هذه الفصائل للعمليات وتساندها عسكرياً واستشارياً بإشراف ميداني وعسكري، وتستخدم الطائرات مسيرة في العمليات، مما يمثل تطوراً جديداً ومتقدماً.
تركيا، رغم توقيعها اتفاقًا مع روسيا لوقف العمليات العسكرية في اتفاقية الاستانة، تواجه ضغوطًا داخلية شديدة نتيجة لزيادة عدد اللاجئين السوريين الذين يسعون لإعادتهم إلى سوريا. تعيش مدينة إدلب حاليًا أكثر من 3 ملايين فرد، من بينهم مواطنون ولاجئون ومسلحون, وقد حاولت تركيا عدة مرات التفاوض مباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه رفض الدخول في مفاوضات مباشرة دون سحب الدعم التركي للمسلحين.
تريد تركيا وضع خارطة طريق لإعادة اللاجئين وبدء عملية سياسية جديدة، مما دفعها إلى دعم عملية عسكرية شاملة تحت اسم “ردع العدوان”، والتي أصابت النظام السوري بخسائر كبيرة وانهيار شبيه بما حدث في مدينة الموصل عام /2014.
صحيح أن سيطرة “هيئة تحرير الشام” على أجزاء واسعة من حلب تشكل ضربة قوية للنظام، إلا أن مسألة انهيارها هي الأهم, وبحسب ما ورد، منع الجيش السوري مقاتلي المعارضة من التقدم إلى حماة وأرسل تعزيزات إضافية إلى المدينة.
واذا تمكن النظام من صد المهاجمين وإبعادهم عن حماة فقد يؤدي ذلك إلى إيقاف الزخم الذي أكتسبته المعارضة خلال الأيام القليلة الماضية وربما منحه فرصة لإعادة تجميع قواته لهجوم مضاد في حلب ما لم تتمكن المعارضة من إحكام قبضتها بالكامل على المدينة.
ويواصل النظام السوري أيضًا تلقي الدعم من حلفائه، بما في ذلك روسيا وإيران. وفي دمشق، اتصل الرئيس الأسد برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي أصدر بياناً قوياً مؤيداً للرئيس السوري. كما أعرب رئيس الإمارات محمد بن زايد عن دعمه للأسد في محادثة هاتفية منفصلة.
لقد حققت قوات المعارضة مكاسب كبيرة في سرعة غير متوقعة خلال الأيام الماضية ولكن لا يجب إستعجال الأحداث والتسرع. الأيام المقبلة هي التي تحمل الإجابة على كل الأسئلة حول مصير سوريا والنظام السوري.
الوضع الحالي خطير وقد يؤدي إلى تقسيم سوريا، وهو ما يخطط له في الأوساط السياسية بين العلويين والدروز والكرد والسنة.. فهل ستظل سوريا كما هي، أم أن شعبها الواعي سينجح في منع ما يخطط لها؟.