أجد من المهم التذكير بأن العراق يقع جنوب غرب أسيا، ومن قدره انه تموضع – كدولة- في القسم الشمالي الشرقي من المنطقة العربية، القوس الجغرافي السياسي (للعراق) يحصره بين (فلسطين المحتلة…لبنان…سوريا… شرق الأردن…إيران …البحرين… السعودية…وصولاً إلى اليمن وتعقيدات تشكلها).
المتتبع لهذا القوس؛ بنظرة القارئ المتفحص لا بنظرة الواقع داخله، يجد إن العراق هو مركزه، وهو مرشح لأزمة كبيرة سـتدخله دوامة أزموية تفوق إحداث سوريا، ومصائب اليمن، والعداء لإيران وشرور السعودية وظلم النظام البحريني، سيما أن العراق يمتلك أرضية خصبة انبتت عشباً أسمهُ الخلافات اعتاد العراق تناوله، وأصبحت وجبة أساسية في حياته اليومية، منذ بزوغ شمس الدولة الإسلامية وانتقالها من المدينة المنورة إلى الكوفة، على يد أمير المؤمنين علي عليه السلام، لأسباب لسنا في واردها الآن، لكنها ستشكل موضوعاً لمقاربة ً ربما سيتاح لنا في مقال قادم.
وكان قدر العراقيين أن يتعايشوا مع زخم المشكلات التي وقعوا، أو أوقعوا فيها، فالعراقيين لهم أسوةً حسنة “بذبيح كربلاء” الذي لم يخرج أشرا ً ولا بطراً، بل مثل ما قال: لنصرة دين جده محمد صلى الله عليه واله وسلم، ومن هذا القدر أن ألطف وإحداثه يتكرر في كل يوم من أيام العراقيين، سابقها …حاضرها ،ربما في قادم الأيام.
لعل موقعه وارتباطه الإقليمي، داخل قوس الأزمات الجغرافي جعل منه ارض طف ومحط صراع مستمر، و أيما حدث بالعراق يؤثر على الإقليم ويجعله جزء من المشهد، ومظاهرات الأنبار تعد وفقاً لهذا السياق، امتداد للازمة السورية التي تفاقمت وأخذت أبعاد خطيرة، وصلت إلى عظم التهديدات الواضحة، لمرقد العلوية الطاهرة زينب الحوراء عليها السلام، فأرتبك المشهدُ و أتخذت إجراءات وخطوات غير معلومة النتائج، لا يعرف مدى اشتراكها في صناعة أزمات جديدة، لكن من المؤكد أن قادة وحركات سياسية شيعية وجدة نفسها مجبرةً على ان تفعل شيئاً ما للدفاع عن مقدساتها في الشام، الآمر الذي عده مناوئيهم تدخلاً بالشأن السوري، في حين يتغافل أولائك الرافضين لدفاع الشيعة عن مقدساتهم عن مئات الألآف من المقاتلين التكفيريين القادمين من الدول المغاربية ، والشيشان والبوسنة وتركمنستان، وأفغانستان، ناهيك عن ما تنجبه الجزيرة العربية المهد الأصلي للوهابية التكفيرية من إرهاب مدفوع الثمن، بأموال دولة “الموزة القطرية”
فهل ستسبى زينب من جديد؟!… وهل سيقف “العباس” عاجزاً عن إطفاء نار توقد في الخيام ؟!… وهل لعلي أن يشفع لقوم سكتوا عن هتك حرمة أهل بيته في حياتهم وبعد مماتهم ؟!.
إن العالم المتحضر مطالب بأن يقف موقف جدياً ينسجم مع مفهوم الحضارة، لإخراج المنطقة من بئر التخلف والنكوص الذي أوقعته فيه العقلية المتشددة للفكر ألظلامي، والذي غزى البشرية منذ قرابة ثلاث قرون على يد أجلاف الوهابية.
مراقد أئمة الحق أهل بيت الرحمة، بحاجة إلى موقف واضح وصريح لا يقبل المجاملة، أو التردد، عن مدى الصواب في إرسال الشباب، للدفاع عن مرقد السيدة “زينب عليها السلام”، وعلى أصحاب القرار أن لا ينظروا بعين رمداء، لا تبصر إلا ما تراه منسجماً مع مآرب دنيوية لا تمت للآخرة بصلة ولا تدفع عنهم عذاب يوم اليم .