ذكريات الطفولة تبقى دائما معشعشه في ثنايا القلب، نسترجعها بين الفينة والاخرى، إراديا أحيانا، ولا إراديا في أحيان أخرى كثر.
كان لجارنا – وأقاربنا من بعيد – حجي عوده أطفالا كثيرين، يملؤن
الشارع ضجيجا ووكاحة لا حد لها. لكن حليمة آل حجي عودة تختلف عن بقية الاطفال، وبكل شيء : شكلا، ووزنا، وعقلا، وملبسا، وصوتا، وگصايبا !
كنا نسميها ( المسودنه )، فهي طفلة سمينة بيضاء بخدود حمر، وظفيرتين و ( فرگ بالنص )، دائمة البكاء، ٢٤ ساعة ( تجّعر )، دشداشتها البازة السمائية بدوائر بيضاء لا تفارق جلدها، ولا أتذكرها إلا حافية القدمين، وأنفها ( صاب ) !
حلّومه : تترك البنات وتلعب معنا، وقد كانت بالنسبة لي أول بوادر الاختلاط بالمجتمع الذي عشت فيه طفولتي وصباي !
كنا جميعا بما فينا إخوتها، نمارس ضدها عنفا لا يحتمله بشر، حتى أنني لا أتذكرها الا شاكية باكية !
في بيتنا كما في شارعنا، كنا نطلق على أي فعل أو تصرف لا يرضينا بأنه من : ( سوادين حلومة ) !
العنف الأسري ضد المرأة بدأ في ذاكرتي منذ ( حلومه )، وكلما سمعت أو قرأت عن ما يمارسه الرجال ضد النساء من ضرب وإهانات لا تليق ببشر، تذكرت ( حلومه ) وهي تنوح ليل نهار: ألما وقهرا وهضما، على مجتمع كان ولا زال يعتبر النساء مجرد وعاء تأكل فيه، ثم تبصق فيه !
في أمان الله