23 ديسمبر، 2024 4:05 م

سنوات العبادي “هرة أم ورة؟”

سنوات العبادي “هرة أم ورة؟”

“لو هرة لو ورة”. مثل كردي معروف  وهو الاكثر تداولا في اللهجة العراقية الدارجة ويعني .. روح وتعال. ومع انه يقوم على مفردتين فقط فانهما ازيحتا من فضاء اللغة المحايد الى الفضاء الاجتماعي الغني بالدلالات.  هذا المثل يبدو اليوم  اكثر انطباقا على واقع حالنا وفي المقدمة منه السياسي الذي لايسر الصديق ولا يغيض العدو. بل حتى الاصدقاء والاعداء مازالوا “دايخين سبع دوخات” في امكانية ايجاد توصيف له. المفارقة التي تحكم هذه العملية السياسية الغريبة الاطوار والاكثر فشلا عبر التاريخ باتت تقوم اليوم على معادلة صفرية هي ..هل مازلنا قادرين على تخطي اشكالات ومشكلات وخربطات  السنوات الماضية والاستعداد لمرحلة جديدة لن تكون هذه المرة من اربع سنوات فقط بل هي السنوات التي يمكن ان نقول عنها سنوات التقدم لعراق قادم.. اي “هرة”, ام ننكفئ ونتراج  نهائيا اي “ورة”؟. 
السنوات القادمة يمكن لها ان تحمل بصمات رجل اسمه حيدر العبادي في حال نجح ليس بتشكيل الحكومة فقط بل بضبط التوازنات بين تحالفه الاكبر “التحالف الشيعي” وبين مخاوف وهواجس الشركاء الاخرين “السنة والاكراد”. تحالف الشيعة يريد تقييد حركته حتى لايشق عصا الطاعة مثلما فعل المالكي. اما تحالف السنة والاكراد فما زالوا يبحثون عن طريقة لاطلاق يده لكن ليس بعيدا عما باتوه يعتبرونه مظلومية جديدة لكن هذه المرة  كردية سنية. وهذه هي “المرة” التي اعاد فيها التاريخ نفسه لكن على كل شكل ملهاة كما يقول ماركس.                     
واستنادا الى ما بتنا نعرفه من اوراق الكتل التفاوضية فان القضية الاهم  تبدو غائبة  في حسابات الجميع وهي التحدي الذي باتت تمثله داعش. داعش حركت  ضمير العالم واسمعت جرائهما “من به صمم” الا طبقتنا السياسية التي لاتزال تتلاعب باكثر الاوقات ضياعا وتتمسك بقضايا لاتعكس حقيقة ما نمر به اليوم. فمحاولة استثمار داعش من طرف لتحقيق اهداف معينة بعيدا عن الحل الجذري تشبه تمسك طرف بدستور جلب لنا كل الويلات والمصائب.  فالدستور هو جزء من المشكلة لا الحل. الاثنان معا داعش والدستور هما اللذان يمكن ان يجعلا سنوات العبادي “هرة” في حال اقصيناهما من معادلة الغالب والمغلوب او”وره” في حال بقينا ندور في فلكهما. واذا كانت كل الاطراف تتحمل فشل السنوات الماضية, فان سنوات العبادي القادمات سيتحملها العبادي وحده. فالرجل حصل على دعم لا نظير له وهو ما يتوجب عليه استثماره لانه مرهون بما سيفعله وليس شيكا على بياض. التحدي الاكبر له هو داعش. فهي فرصة ذهبية ليس لاي سياسي محترف وتكنوقراط و”عايش بره” سننين طويلة من اجل ان ينجح بل هي فرصة ثمينة حتى لمن لم يعرف من السياسة “الجك من البك”. ما اخشاه ان “تحس داعش” بانها قدمت ما يكفي من خدمات جليلة للطبقة السياسية حتى تدرك حجم التحديات التي عليها مواجهتها. في حال حصل ذلك وقد يحصل في حال قضينا نتحرك على نتائج ما تفعله داعش “سبايكر ومصعب بن عمير” فلنا عودة في ان نندب حظنا العاثر مجددا.. فقد “تعلمنا الجك وتجاهلنا البك”.