22 ديسمبر، 2024 10:32 م

من بعيد رأيته يسير بخطوات متباعدة سريعة .. ناديته والصوت قد جهر حاله .. أيا من عذبتك الدنيا قف لأراك من قريب وألقي عليك تحيتي .. أيا صاحب لا تبعد قف لأسألك عن من فقدت .
ادار وجهه نحوي وعينيه بالشوق بادية الاسى كالصحراء افتقرت للماء فإشتاقت لمذاقه .
حييته بأجمل ما يكون السلام وقلت له أيا حبيب لم البعد عني ولم القساوة على قلبي , فالفؤاد ببعدكم قد أرق علي الليل فأفقد الصباح طعمه .
أسألك بالله أن تجبني كيف أمي وكيف أبي وكيف أهلي وعشيرتي وكيف التراب في ارضي ذات الثمار اليانعات وكيف النخيل الباسقات وهل لازال المحبين يسقونها لكي تبذخ بعطائها .
أيا صديق اخبرني ولا تسر علي فالأمر ما بات محسمه والسيف بالشوق قد أوجع صدري , قل لي كيف هي حبيبتي ذات النطاقين التي فيها الروح تعلقت , وهل لا زالت حزينة تبكي نهرها وكيف السماء في ضلها والريح في نسيمه , بالله عليك أخبرني .
اجابني والذهول قد أصابه , عن أي فلان تسألني وأي أفلاك تحدثني , لا تؤاخذني يا هذا فالمصائب قد جففت بدني فأنهكه العطش بالامراض فما عدت اذكر شيئا  .
قلت له وهل للمصائب نهاية ام ستستمر ؟ قال ربما .. لا علم لي …
قلت له استحلفك أن تخبرني عن تلك الجميلة التي ما زالت في ناظري ماثلة وعن أمي التي قلبي بشوقها يتعذب وعن ابي ذاك الذي للعين مؤنس .
اخبرني عن ذكرياتي التي توقف الكون عن دورانه تارة مفسحةً الطريق لأفلاك ذكريات كنا نعيشها سوية , ليست ببعيدة ولا قريبة , تمر كالخاطرة فجأة وتعلق في المخيلة دهور بطولها , تبعد عني سأم البعد وعذاب الغربة , ذكرياتها تشرح الروح في فؤادي وتبعث الغصة في نفسي حينما استفيق منها لأرى الواقع مرا ليس كما اشتهيت بحلو قربها .
عن من تحدثني , فالوصف يهيج في نفسي ذكرى اليمة عن أي جميلة تحدثني ؟
عن التي لم ارى يوما كجمالها عن ذات الصفاء بها الشمس تتألق والقمر بحسنها يتغزل . عن نهر حبي دجلة احدثك .
ومن امك واباك ؟ امي بغداد التي انهكتها اسراب الغراب وابي العراق شامخا ها قد دنسه الاغراب .
عرفتهم وكيف لي أن انسى من ادخل الفرحة الى قلبي الحزين حتى ذلك اليوم المغبر عندما هاجمها الاشرار فدمرا بدمارها سعادتي .
حين الرحيل رأيت السماء تبكي بعدها والقمر قد افل نوره والشمس احتجبت بالغيوم حزنا على ذات الجمال واهلها
بغداد اديري دفتيك وارجعي لذا اللثام العيثم .. بغداد سأبقى انادي بإسمك حتى تعودي بمجدك المحتم .
لم اغادرك يوما يا دار السلام … بغداد ما ناديت اسمك يوما الا وهرب الدمع من عيني خجلا , والاحلام تتسابق فيك لتسقي رؤى عودتك .
إناديك بصوت ابى حنينه أن يُكَتمٌ , ثوري وانتفضي على الصمت والتلعثم , وابعدي الخذلان الذي في دارك جاثم , واطردي المحتل الحقود الاثم , وانشدي الافراح بسعدها وحماسها بدل العويل والمأتم .
سنعود من أجلها يوما , وليس الحلم بالمستحيل … لا يهون عزمنا ابدا ولن يهون