22 نوفمبر، 2024 9:37 ص
Search
Close this search box.

سندس ولدت …شكرا لجسر (شهداء الزيتون)

سندس ولدت …شكرا لجسر (شهداء الزيتون)

تسيطر الخرافة والميثولوجيا الشعبية بين أوساط الناس والبسطاء على وجه التحديد،و تتفشى الخرافات والأساطير فتغدو المرتع الخصب، لينمو يوما بعد آخر، حتى تغدو الاسطورة عقيدة بل رمزا مقدسا مهاب مصان يفتدى بالنفس والنفيس، ولايمكن التشكيك او الطعن فيه كثابت ديني ومقدس .وتغدو من المجربات وممن يوصى بها من قبل الأولياء والأتقياء .
أذ تشيع في أوساطنا الشعبية رمزية عبور النسوة الحوامل اللواتي يتأخر إنجابهن للجسور كبديهية بل تكاد تكون حقيقة علمية مجربة . لكنني بحثت كثيرا في عوالمنا الرقمية عن أصلها وحقيقتها .ورغم جهدي لم افلح ولم أوفق في الحصول ولو على نزر يسير يشفي غليلي.الا ان السيدة الأولى (أم علي) أكدت بأنها حقيقة ربانية ومنه رحمانيه لاجدال ولا فسوق فيها.
سندس شابة قريبة لنا تزوجت مؤخرا وفي حملها الأول تأخرت حتى استطالت أشهر الحمل لتقترب من نهاية عاشرها .ورغم مراجعتها أشهر طبيبات الولادة والإنجاب وتناولها عقاقير وأدوية للإسراع بالإنجاب إلا إن (سنوسه ) كما يحلو لزوجها إن يسميها أأبى مولودها البكر إن يغادر كهفه ومخبئه الآدمي وهو يمص من مشيمتها مقومات الحياة .
لم تبقى قبة لسيد او ولي صالح في مدينتنا إلا وزارته سندس وتوسلت تحت قبته ووضعت في شباكه (خمسة وعشرين احمر) وذرفت دموعا حرى داعية بقلب كسير إن يفرج عن كربتها ويعجل في خروج جنينها .
لم تتوانى (ام شلاكة ) كاهنة المنطقة وعرافة المحلة من إن تبدي رأيها الحصيف من إن عبور (سنوسة ) جسر …كفيل بإنهاء متاعبها ونهاية آلامها وصبرها الطويل .وحلفت بسيد خضير (أبو حيايه) أنها لن تقرب(الطشه ) ان لم تصدق نبوءتها.وأيدتها في ذلك الكثير من النسوة والعجائز .
لم تتأخر سنوسة وزوجها من تنفيذ الطلب وفي اليوم الثاني وعند الغروب توجهت نحو جسر شهداء الزيتون في الناصرية والذي أعيد افتتاحه موخرا.. بعدما اريقت علية دماء اثنان وخمسون شهيدا في احتجاجات تشرين من العام الماضي. ورغم الظلام الدامس الذي يلفه ألا ان موجات الفرات لاتزال تنساب هادئة تحت فناءة المهيب المضرج بدماء الارواح البريئة.. التي صعدت الى بارئها تشكو ظلم التسلط والجور والطغيان.
كانت رياح محملة بعطرالناصرية تضرب وجهه سوسن المصفر فتبدد خوفها وتزيل شيئا من همومها . فامسك زوجها يدها وهي تنوء متثاقلة بحملها ..عابرين الجسر الجاثم على ضفتي النهر كنسر مهيب.
حال رجوعها وبسيارة الأجرة اشارت وبإيمائه خفيفة الى زوجها وبصوت ضعيف إن يتوجه بها إلى مستشفى الولادة القريب.
على نقالة المستشفى وقبل دخولها صالة العمليات خرجت من تحت الشر شف الذي يغطى جسدها المسجى إلى الحياة مولودة جميلة ملأت الردهة بكاء وصراخا .
أغمي على زوج (سنوسة ) من هول المفاجأة وتعالت هلاهل الممرضات وضحكات النسوة في صالة الولادة احتفاء واستبشارا وتيمنا بإنهاء حمل امرأة دام عشرة شهور .وتضرع الجميع شكرا لله وحمدا لرعايته… هاتفين ..مبارك سنوسه ..شكرا.. لجسر شهداء الزيتون.. الرحمة والسكينة لارواحهم الطاهرة.وحتما انهم فرحين في عليين. بولادة.. بنوته عراقية ذيقارية. ستحمل مشعل الثورة والحرية.. وتذكرنا بتضحياتهم كلما عبرنا هذا الجسر.

أحدث المقالات