22 ديسمبر، 2024 10:12 م

سنجار تسبى مرة ثانية

سنجار تسبى مرة ثانية

يحدثني صديقي الايزيدي من غربته بعد هروبه من بطش تنظيم داعش الذي كان شاهدا عليه، منذ دخول عناصر التنظيم الى قضاء سنجار بمحافظة نينوى في شهر اب مِن العام 2014، وكيف سلمتها قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وتركت النساء والاطفال تواجه السبي والعبودية بعد قتل الرجال والشباب قبل ان يتمكن من الهروب بمعجزة هو ومن معه.
يكمل صديقي حكايته، بان البيشمركة حينما كانت تدير الملف الامني قبل العام 2014، تتصرف بعنصرية لا يمكن وصفها حتى انها كانت ترفض العديد من الطلبات للمشرفين على مقام السيدة زينب (عليها السلام) الموجود في جبل سنجار لاضافة علامات دالة على الطريق المؤدي للمقام، ليكشف عن معلومة تقول بان البيشمركة تفاهمت مع تنظيم داعش في ناحية زمار، لتسليم سنجار مقابل تحرير نجل سياسي كردي كبير كان محتجزا لدى داعش، وحصل الاتفاق فعلا لتنسحب جميع قوات البيشمركة تاركة الاهالي لمصيرهم المجهول مع عصابات لا تفرق بين الصغير والكبير ولا بين النساء والشباب فجميعهم “كفرة” يجب قتل رجالهم واستعباد اطفالهم وسبي نسائهم، ليسجل التاريخ اكبر جريمة في العصر الحديث بعنوان “ابادة جماعية” بحق مكون يمتلك مِن الانتماء للارض والاصالة في الدفاع عن الوطن اصبحت عملة نادرة لا تجدها عند الكثير مِن مدعي الوطنية والحفاظ على مكونات المجتمع.
وبعد ثلاث سنوات على تلك الفاجعة تحرر قضاء سنجار باعلان هزيمة داعش، بتضحيات كبيرة قدمتها القوات الامنية التي انشغلت بتحرير بقية المناطق، ليستغل زعيم الحزب الديمقراطي مسعود البارزاني الفرصة من خلال تقديم نفسه “قائدا للتحرير”، من على قمة جبل سنجار ليطلق التصريحات التي تتغنى “كذبا” بالدفاع عن الايزيديين في محاولة لتجميل صورته التي لا يستطيع اهالي سنجار نسيانها في بيعهم لداعش، لكن رئيس الوزراء في حينها حيدر العبادي لم يمنحه الفرصة في السيطرة على سنجار اضافة لوجود قوات الحشد الشعبي التي شاركت بتحرير القضاء، لتنقطع احلام البارزاني بشكل مؤقت، حتى جاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للسلطة ليجد فيه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ضالته، في تحقيق جميع احلامه التي عجز عن تحقيقها خلال السنوات الماضية، فكانت ورقة سنجار حاضرة كشرط لا يمكن التخلي عنه مقابل الاستمرار بدعم الكاظمي.
نعم ياسادة.. البارزاني كان احد المساهمين بالدفع تجاه اختيار مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء، وهذه حقيقة ينقلها زعيم ائتلاف الوطنية اياد علاوي حينما ابلغنا، بانه “زار البارزاني في اربيل وطرح عليه فكرة ترشيح الكاظمي بعد رفض محمد علاوي وعدنان الزرفي”، ليخبرنا ان “زعيم الحزب الديمقراطي اعلن تاييده لوجود الكاظمي بهذا المنصب وضرورة اقناع بقية الاطراف السياسية بترشيحه”، لان البارزاني يدرك جيدا بان مشاريعه التوسعية ستنفذ عن طريق بوابة حكومة الكاظمي، وهناك العديد مِن الامثلة لا مجال اذكرها ولعل قضية ارسال الاموال لجيوب السلطة في كردستان بحجة رواتب الموظفين افضل دليل على ذلك، حتى جاءت الفرصة المناسبة لاعلان ماوصفه المتحدث باسم رئيس الوزراء “بالاتفاق التاريخي” بين حكومتي المركز واربيل بشأن “استقرار الاوضاع في سنجار” لكنه في الحقيقة اعادة تسلميها للبارزاني وتطبيق ما يسمى بالمادة 140، التي تدعى القوى الكردية احقيتها بضم العديد مِن مناطق الموصل ومحافظة كركوك للاقليم، بحجة تطبيق الدستور، الذي ينقل لنا زعيم جبهة الحوار الوطني صالح المطلك، كيف كتب خلال الساعات الاؤول، حينما اخبرنا بان القوى الكردية اقترحت على القوى الشيعية والسنية التي كان يمثلها الحزب الاسلامي في عام 2005، بان “يتركوا كتابة الدستور للكرد مقابل التخلي عن السلطة في بغداد لصالحهم”.
وبالعودة للاتفاق الذي يسمى زورا “بالتاريخي”، هناك العديد مِن الملاحظات التي تعمد الكاظمي تجاهلها، ومنها، عدم اشراك اهالي سنجار بتحديد مصيرهم على الرغم من وجود العديد مِن الجهات السياسية والدينية والاجتماعية التي تمثلهم، وهو مدافعهم للخروج بتظاهرات ووقفات احتجاجية ترفض “سبيهم مرة اخرى” بحجة اعمار مناطقهم واعادة النازحين، في وقت لايزال نحو الفين وثماني مئة وثمانين منهم مفقودين حتى الان، فيما يعيش الالاف منهم في مخيمات النزوح التي تفتقر لابسط مقومات الحياة، وبدلا مِن ايجاد الحلول لانصافهم وتوفير اسباب العيش الكريم لهم، يعمل الكاظمي على رد جميل البارزاني بالمساومة على سنجار.
الخلاصة:.. صديقي الايزيدي في نهاية حديثه ابدى رغبته بتقديم شهادة علنية لجميع ماجرى من احداث في سنجار خلال تسلميه لداعش، لكنه نقل عتبا كبيرا مِن الاهالي، يقول.. كيف تصمتون امام بيعنا مرة اخرى لمسعود البارزاني…ياصديقي نحن لا نملك سوى اقلامنا لنقل معاناتكم عسى ان يسمعنا اصحاب الضمائر ويتدخلوا لايقاف سبيكم ثانية.. اخيرا.. السؤال الذي لابد منه.. هل يحق لحكومة مؤقتة جاءت لتلبية مطالب المتظاهرين فقط، ان توقع هكذا اتفاقيات؟…