يثار الكثير من الجدل حول قدرة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لتعقب الفاسدين وفتح ملفاتهم التي أزكمت الأنوف، وقبل ذلك أثار ترشيح السوداني حفيظة الكثيرين من المتحزبين المعارضين والجماهير التي تترقب ما سيقدم عليه الرجل وهل بإمكانه قبل المضي بالإصلاحات محاسبة المقصرين والمتلكأين، وتنفيذ وإكمال طموحه ومشروعه ؟
يحاول السوداني الإستفادة من التجارب السابقة، ويحاول طمأنة المجتمع الإقليمي والدولي حول جدية الحكومة العتيدة تنفيذ برنامج إصلاحي متكامل يخرج العراق من حال إلى حال، ليكون العراق ملتقى الشرق بالغرب، ومنطقة تقارب وتقريب بعدما كانت مسرحا للحروب والأزمات.
يعلم السوداني علم اليقين بأن مهمته ليست بالهينة، وشروعه بتنفيذ برنامجه يتطلب أدوات لا تصدأ يمكنها (جز صوف) أي كبش مهما كان كبيراً وعنيداً والإمساك بأي حوت مهما كان ضخماً؛ فالمرحلة الآنية والمقبلة لا تتقبل الضعيف والمتهاون، والسياسة الجديدة تحتم على السوداني التخلي عن المجاملات وترك التبعية مهما كانت الضغوطات، فالحديث عن نجاح أو فشل يحتاج إلى وقت وما زال الوقت مبكرا كي نمضي بالحكم حول جدية السوداني بكشف رؤوس الفساد ومن تورطوا بسرقة وتهريب أموال العراقيين، إذن الرجل يخوض معركة مصيرية يمكن أن ترفعه ويمكن أن تسقطه، على غرار ما حصل للسيد عادل عبد المهدي عام ٢٠١٩.
لا يمكن تجاهل فترة الـ (100 يوم) التي حددها زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر كفترة إختبار كافية لبيان نية الإصلاح الذي ينشده الصدر، فطبول التشكيك بدأت تقرع وجهود السوداني واضحة لإثبات مقدرته على الإصلاح وتلافي غضب الشارع، وهناك من يحاول عرقلة هذه الجهود ووضع الحجر في طريق الحكومة الحالية.
يدور الحديث مابين الكواليس حول قرب إلقاء القبض على حوت كبير غاطس في بحر الفساد، والسوداني هيأ سنارته لصيد هذا الحوت ومن تبعه ووالاه! والغريب أن المجتمع الدولي يؤيد بقوة هذه الحكومة ويعوّل عليها بأنها خارطة طريق جديدة ستؤدي إلى إصلاح حقيقي حسب توجيهات بعثة الأمم المتحدة(Unami) ويبدو أن جميع الكتل السياسية الكبيرة أدركت بأن نجاح السوداني سلاح ذو حدين؛ قد يهلكها وقد يبقيها وفشله لا يبقي أحد! ومن هنا يمكننا القول أن المرحلة المقبلة هي مرحلة حاسمة والإصلاحات الحقيقية قد تبدأ بعد إنتخابات مجالس المحافظات التي حددت في تشرين الأول من العام المقبل، وهنا سيبدأ الإختبار الحقيقي للحكومة وجدية الكتل السياسية بكل طوائفها وتسمياتها للإنتقال إلى مرحلة الإنفتاح على الشعب وتنفيذ ما لم يُنفذ وإنهاء أو تقليص الفجوة بين الشعب والطبقة السياسية، وهذا يحتاج إلى تنفيذ مشاريع كثيرة تنقذ العراق من المهالك والأزمات الداخلية والإقليمية وإبعاد التبعية الحزبية التي لا هم لها سوى المكاسب والمناصب.