سجنوا سمير راكوض الساعدي والذي يلقبه الجنود سمير نكره سلف كونه يتشاجر على اصغر خلاف ومن سكنة قطاع55 في مدينة الثورة . أصلع مواليد 75 . يعتبر الدنيا عفطة عنز ، ومولع برأسية كاظم وعل لاعب المنتخب الوطني في مرمى خصومه ، وغير ذلك فهو صاحب شعار : اذا انت من العمارة اشعل روحك ولا تطلب من غريب سجارة.
سجنوه لشهرين لأنه استغل عدم وجود آمر البطرية وكان برتبة رائد ودخل الى غرفته وارتدى احدى بدلاته وجلس على كرسيه يتبختر وهو يشعل سيجارته الديموريه ويتخيل انه آمر هذه الوحده . وفي تلك الاثناء اتى احد المؤمرين من مقر الفرقة ليسلم الى آمر البطرية بريدا مستعجلا فدخل الغرفة ووجد سمير يجلس على كرسي الامر فتخيله هو الآمر فأدى له التحية وسلمه البريد المرسل اليه من الفرقة .عقدت الدهشة لسان سمير نكره سلف ولايعرف ما يقوله سوى انه رد التحية بيدين مرتجفتين واستلم المظروف من المأمور الذي ادى التحية ثانية وانصرف . ليذهب الى غرفة الحانوت ليشرب الشاي ويعود الى مقر الفرقة .
بسرعة وارتباك نزع سمير بدلة الامر وابقى الظرف البريدي على المنضدة وغادر ملجا الامر الذي عاد بعد دقائق ودخل ملجئه ووجد الظرف فتسائل من اتى بهذا البريد الى غرفتي ؟
فرد خيون الانضباط : اظنه ساعي بريد الفرقة سيدي رأيت دراجته وهو الان في الحانوت .
قال الامر :بغضب :كيف دخل الى ملجئي ؟.
قال الانضباط :سيدي سأرسل عليه ونستفهم منه.
ذهبوا الى المعتمد وقالوا له :الامر يريدك .
جاء المسكين فتفاجيء بآمر غير الامر الذي سلمه المظروف قبل دقائق ، وسال الامر :سيدي العفو انتم كم آمر بهذه البطرية ؟
فأجابه الأمر :امر واحد هو انا .
ــ ولكن ياسيدي انا سلمت البريد الى ضابط غيرك كان يجلس على الكرسي داخل هذا الملجيء.
ذعر الامر وقال :يا وَل جميع الضباط بالمراصد ولا احد غيري من يجلس على الكرسي.
قال المعتمد وقد ملكه الخوف :والله سيدي كان هناك ضابطا برتبة رائد وسلمته الظرف.
قال الانضباط سيدي : الحل هو اننا نجمع جنود البطرية ليرى ان كان هذا الامر المزعوم بينهم وأن لم يكن فأني اترجاك ان تكتب الى الفرقة لينقلوا بطريتنا الى مكان آخر لأن الاشباح تسكنها .
قبل الامر بفكرة الانضباط وجمعوا حظائر البطرية إلا سمير ظل مختفيا .
تطلع المعتمد في الوجوه فلم يجد الوجه الذي يبحث عنه . فقال : سيدي فرضية الشبح هي الارجح الان.
جندي من اهلي الديوانية قال وهو في مكانه :سيدي سمير نكره سلف لم يأت الى التعداد ؟
قال الامر :نادوا عليه.
دقيقة حتى خرج سمير نكره سلف وهو يرتجف .وما ان لمحه المعتمد حتى صاح: نعم .سيدي هذا هو الامر الذي سلمته الظرف.
حولوا سمير الى المحكنة العسكرية في ديالى .ومع ضحك القضاء المتواصل :قال احدهم جريمتك في قانون العقوبات العسكرية 8 سنوات انتحال صفة .ولكن لطرافة اجوبتك ولقبك جعلناها من مبدا حسن النية وحكمنا عليك بشهرين .
عاد الينا سمير الساعدي بعد الشهرين .جمع اغراضه بعد ان اعطوه اجازة لسبعة ايام ليهمس لي :الجيش الذي لايريدني آمرا لن اخدم فيه مطلقا سأذهب اشتغل مع ابي في سوق مريدي .
انتهت الحرب وسمير نكره سلف فارا من الجيش. وانتهت سنين الحصار وسمير لم يزل هاربا من الجيش . لقد عاش حياته كلها في سوق مريدي واشتهر فيه كأفضل من يبيع كل شيء.
كنت قد تعينت بعد التسريح في القضاء .وبعد 2003 انتدبوني محققا في احدى لجان النزاهة . وذات يوم اتوا لنا بمسؤول كبير متهم بتزوير شهادته الجامعية من بكلوريوس الى دكتوراه.
رفض الاعتراف ولكن مع الادلة والبراهين اعترف انه اشترى شهادة الدكتوراه من سوق مريدي .
تذكرت سوق مريدي وسمير الذي كان معي جنديا في بطرية الميدان الثالثة وسألته : وهل تعرف الذي اصدر لك الشهادة ووختمها وصدقها لك .
قال :نعم .رجل يسمونه سمير نكره سلف.