يبدو واضحا جدا بأن النظام الايراني قد توصل الى قناعة کاملة بأن هناك مصير أسود بإنتظاره فيما لو دخل الحرب ضد الولايات المتحدة الامريکية إذ سيقرأ السلام على روحه ويختفي من عالم الوجود، ولذلك فإنه وبعد کل تلك التصريحات العنترية التي أطلقها قادته والتي صوروا فيها وکأنهم سيقومون بالقضاء على الولايات المتحدة في غضون ساعات قلائل، فقد بدأ بحملة دبلوماسية غير مسبوقة بإرسال وفود له الى بلدان المنطقة من أجل إظهار النوايا برفض الحرب والتصعيد في المنطقة والعمل من أجل التهدئة مع إنهم هم الذين إستعجلوا أکثر من غيرهم ذلك من خلال سياستهم الرعناء إذ طالما تصرفوا وکأن نظامهم دولة خارج القانون الدولي.
هذه الحملة التي بدأها النظام الايراني من أجل إبعاد شبح الحرب عن نفسه، والتي تبدو کسمفونيا منظمة يقودها المرشد الاعلى للنظام الايراني والذي يظهر واضحا بأنه قد فهم الرسالة الامريکية جيدا، ولذلك بدأ القادة والمسٶولون الايرانيون يٶدون أدوارهم في هذه السمفونية بنفس السياق الذي شرع به خامنئي وبطبيعة الحال فإن الاحزاب والشخصيات والميليشيات التابعة للنظام الايراني لايمکن لها أن لاتشارك بسموفونيا السلام بعد أن کانت جزءا أساسيا ورئيسيا في سمفونيا الحرب التي يبدو إن هناك من إستعجل التورط بها فقام بتصرفات سيدفع ثمنها عن قريب إذ أن کل شئ تحت مجهر المراقبة.
نوري المالکي، ذلك الرجل الذي کلما يتکلم بأمر وشأن يتعلق بإيران فإنه يبدو أکثر حرصا حتى من النظام الايراني نفسه، ففي الحرب هو جندي مطيع مستعد للذهاب للجبهات الامامية لمقاتلة أعداء”جمهوريته الحبيبة”، مثلما إنه في المساعي”المثيرة للشفقة” التي يبذلها النظام الايراني من أجل التهدئة والسلام، يسعى للبروز کحمامة سلام فريدة من نوعها إذ لايکتفي بالرفرفة لوحده مطالبا بالسلام من أجل المحافظة على النظام الايراني من الانهيار بل إنه يريد من الجميع أن يصبحوا حمائم رغما عنهم وأن يقفوا صفا واحدا ضد الولايات المتحدة الامريکية!
“اعلان ايران على لسان قادتها انها لا تريد الحرب يلزم الحميع ان يقف بوجه التصعيد، وان لغة الحياد لم تعد مقبولة انما الموقف الرافض للطرف الذي يريدها”، هکذا أتحفالمنطقة والعالم نوري المالکي بتصريحه”الفلتة” بعد أن کان يبدو کصقر خلال الايام السابقة دفاعا عن النظام الايراني، وإن تأکيده لإلزام الجميع دونما إستثناء للوقوف بوجه التصعيد الذي يعلم جيدا بأن عملاء النظام الايراني قد شرعوا به في الخليج وفي ذلك الصاروخ الذي أطلقوه على السفارة الامريکية في بغداد، وإن الطرف الذي يجب أن يلتزم الحذر ويعود الى حجمه الحقيقي في هکذا مواجهة مرعبة هو النظام الايراني لوحده والذي هو مهدد ليس من جانب الولايات المتحدة الامريکية فقط کما يوحي بل ومن جانب شعبه والمقاومة الايرانية قبل ذلك حيث إن الاحتجاجات الشعبية المتواصلة ونشاطات معاقل الانتفاضة لأنصار مجاهدي خلق والتي تواصل إحراق مقرات الباسيج ومراکز أخرى للنظام، ويعلم جيدا بأن أي تطور غير عادي من شأنه أن يجعل من أثرا بعد عين!