23 ديسمبر، 2024 3:08 م

سماعة الاذن والمعدلات الانفجارية

سماعة الاذن والمعدلات الانفجارية

كان يساوم الطبيب على سعر العملية التي سيثبت له خلالها سماعتي الاذن، ونزل الطبيب الى خمس ورقات، سوف تنفعك في كلية الطب ايضا، لانها ستكون ثابتة، قالها الطبيب وهو يبتسم، كنت اشكو الما في معدتي وكنت قريبا منهما، وبعد ان اتفقا، قال لي انتظر خارجا، ليست عملية كبرى، انها شيء بسيط ساثبت السماعات وانادي عليك، انتظرت دوري بفارغ الصبر، لم اكن حريصا على الفحص بقدر حرصي على عتاب الطبيب، ولالقي عليه تهمة الفساد، لانها لم تعد مقترنة بالسياسيين والوزراء والمدراء، هاهم الاطباء يساهمون باكبر عملية فساد على وجه التاريخ، انهم يفسدون التعليم، وبعد ان دخلت، قلت للطبيب: كيف يسمح لك ضميرك وانت الرجل المتعلم الحائز على شهادة كبيرة ان تسهم بعملية منحطة كهذه، استغرب كثيرا من اسلوب طرح الموضوع، فهب منتفضا، ومن انت لتعلمني الحق من الباطل، فرددت عليه: والله لولا اني مريض ولا اتحمل قضايا المحاكم لذكرت اسمك بالكامل، ولكن من سيحاسبك والدولة ذاتها منخورة من عروقها، لكن تأكد انت تضعها، وانا ساخرجها ومهما كلفني الامر.ذهبت  باتجاه المركز الامتحاني للسادس العلمي صباحا، وهمي الاول كيف ساعثر على السماعات التافهة التي يضعها هؤلاء الاطباء، وفعلا مسكت احدهم، ولكن بعد ان ملأ الدفتر بالاجوبة الصحيحة،  

اخذت الدفتر منه، فاتصل ابوه وكان يعمل في الشرطة برتبة عالية، انا والمعاون اخذناه الى الحمامات وقمنا باخراج الاسلاك والتلفون الذي وضعه في ملابسه الداخلية، صادرنا السماعة ، فاتصل ابوه يطلب ان نعيد له السماعة وان لانرفقها مع الدفتر الامتحاني مع التهديدات المبطنة، انتهى الامر، ان نعيده الى الامتحان بعد ان يمسح بعض الاجوبة ، ويجيب من جديد، بقي حائرا طوال الساعتين المتبقيتين من زمن الامتحان، في اليوم الثاني ، اصطحبت تقاريري الطبية وطلبت اعفائي من المراقبة، وتم لي ذلك، وفي الامتحان الآخر، مسك مدير المركز مع معاونيه اثنتي عشرة سماعة للاذن، واكتفوا بمصادرتها خوفا من اولياء الامور ومافيات الطلاب، التي صارت معروفة وصار تعامل الطالب مع المدرس، تعاملا سيئا جدا بفعل تساهل وزارة التربية، والقائها باللوم دائما على المدرس والمعلم، مع كيل العقوبات واستقبال شكاوى الطلاب مهما تكن بواعثها، هذا الامر جعل من العملية التربوية فاشلة مئة بالمئة.لم يكن بمقدور داعش ان تدخل الى العراق لولا هذا الطبيب وذاك الشرطي ذو الرتبة العالية، الذي لايطلب فقط العفو والتسامح مع ابنه، ولكنه يطلب بكل وقاحة ان تعاد سماعة الاذن لابنه حتى يكمل عملية الغش التي اعتاد عليها ابوه مع المواطنين، اننا في مأساة حقيقية، فيها الطبيب فاسد والمدرس فاسد والشرطي فاسد، ضابطا كان ام شرطيا عاديا، لقد تم نقل الامتحانات الى الجامعات خوفا من تدخل البعض في المدارس، وغياب المراقبة، واحتماليات عمليات الغش، لكن الغش صار في كل مكان، فلماذا نستثني الطالب منه،

عندها فقط علمت لماذا مات علي في طوارىء الشيخ زايد، وهو المهندس الشاب الذي ذهب يمشي على قدميه، فاخرجناه في تابوت بعد اربع من الابر وكيس من المغذي، ربما كان الطبيب من اصحاب سماعة الاذن، وبعد اسبوعين من وفاة علي، ساءت حالتي الصحية، وانا اجود بنفسي، اصطحبني ابني الى طوارىء الشيخ زايد، ووضعوني على السرير البدون، بدون مخدة وبدون اي وسيلة من وسائل الانسانية، مسكت بيد ابني وطلبت منه شيئا: لاتدعهم يزرقوني ابرة، لاننا لانريد ان نكرر مأساة علي، بقيت بوعيي، وجاؤوا بالابرة، فرفضت، قال الطبيب يجب ان توقع على عدم زرق الابرة والخروج من المستشفى، وقعت وانا افكر بسماعة الاذن كم جلبت علينا من المصائب.