23 ديسمبر، 2024 5:45 ص

سلوك بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي يعكس مدى الانحدار في الاخلاق العامة

سلوك بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي يعكس مدى الانحدار في الاخلاق العامة

تحتل شبكات التواصل الاجتماعي مكانة مهمة في الحياة اليومية لكثير من الناس ، خصوصا بعد تزايد استخدامات الانترنت في مجالات العمل والترفيه والحصول على المعلومة .
ان الاستخدام السليم للشبكات الاجتماعية تختلف من شخص لآخر ، وتستند على ضمان حرية التعبير التي تعد من أشهر حقوق الإنسان .

وهذا الاستخدام يوفر للمواطنين الفرصة لتكوين رأيهم الخاص حول القضايا الاجتماعية والسياسية التي تلعب دورًا هاما في المجتمع .
كما ويعتبر وسيلة للتنفيس عما بداخلهم .

إضافة الى أن حرية التعبير تفسح المجال للنقد ، بما في ذلك سياسة الحكومة أو الدوائر التابعة لها .

ان الجوانب الايجابية المهمة لهذه الوسائل تقابلها جوانب سلبية خطيرة مع الاسف ، حيث اصبحت أكثر قتامة ، لما تتضمنه من الاخبار الكاذبة احيانا ، او نشر خطاب الكراهية ، اضافة الى المحتوى الذي يحرض على العنف بطريقة مباشرة او غير مباشرة .
والاكثر من هذا وذاك
انتشار عبارات السب والشتم والخطابات الخادشة للحياء ، وهو ماكنا نطلق عليه كلام اولاد الشوارع .
كما ان فتح حسابات وهمية ونشر اخبار ومعلومات مضللة
او اختراق الحسابات والصفحات ، وانتحال صفة أشخاص آخرين والحديث بلسانهم زورا” ، او نشر صور فاضحة ومسيئة فيها . تعد من جرائم التزوير المعاقب عليها قانونا . وهي في كل الاحوال اعمال عدوانية غير انسانية وتعبر عن مستوى الانحطاط الأخلاقي لمرتكبيها .

كل هذه الممارسات تُخالف معايير المجتمع السوية المتَّبعة لدينا وغير مسموح بها تحت اي ذريعة .
وإذا رأيت حسابًا ينتحل شخصيتك أو شخصية عامة ، فاعلم ان ورائه جماعة او منظمة مغرضة تهدف الى تخريب السلوك السوي للمجتمع ، وتعمل على افساد الاداب العامة والاخلاق المتعارف عليها ، وزعزعة الثقة بالآخرين .

فمثل هذا الممارسات لايمكن ان تدخل ضمن حرية التعبير ، باي شكل من الاشكال لكونها ممارسات مؤذية وصادمة أو على اقل تقدير فهي مزعجة مثيرة للاشمئزاز . ان لم تكن جرائم يعاقب عليها القانون .
وهي بذلك تعتبر من الوسائل المفسدة للذوق ، والآداب العامة والتجني على الغير والمجتمع .

ان مثل هذه التصرفات الضارة للفرد والمجتمع ، توجب الشجب والاستهجان ، بل ومعاقبة مرتكبيها . حيث ان السكوت عنها تجعلها سلوكا عاما قابلا للانتشار عبر الإنترنت وغيره .

ان هناك خطر حقيقي في مصادرة حقوق وحريات الآخرين في المشاركة والتعبير من خلال هذه الممارسات غير السوية والعدوانية .
حيث أن الضحايا لم يعودوا يجرؤون على التعبير عن أنفسهم بحرية إذا ما واجهوا بشكل متكرر مثل هذه الأنواع من الرسائل .
وفي كثير من الأحيان ، يتوقف مستخدمي التواصل الاجتماعي عن المشاركة عند مواجهة تهديدات عبر الإنترنت .

ان الانانية والتجهيل وفرض الارادات ، هي المحرك الاساسي لمثل هذه الممارسات غير السوية وتعتبر من مظاهر الانحدار الاخلاقي ، وتدني الذوق العام
، وهي ليست سلوكيات فردية ترتكب بمعزل عن المجتمع ، حيث تقف وراءها دوافع عديدة لعل اهمها الفساد المستشري ، والخلل الحاصل في المجتمع نتيجة الافكار والاطروحات الرجعية المتخلفة التي تسود بهدف مصادرة حرية الآخرين وفرض افكار واوهام الانظمة الحاكمة ، لضمان استمرار وجودها باشاعة الفساد والجهل ، وبالتالي القضاء على القيم الاخلاقية والمعنوية في المجتمع .

ان شيوع الفساد المالي يؤدي بالتأكيد الى الفساد الأخلاقي وهما عنصران مترابطان وجودا وعدما ، ولايمكن الفصل بينهما .
فحيثما وجد الفساد المالي نجد الانحدار الاخلاقي والقيمي للمجتمع . ومن هنا يعم الخراب في كل مفصل من مفاصل الدولة والمجتمع .
ان الحفاظ على الأخلاق والاداب العامة عامل مهم لاستقرار المجتمع وتقدم الدول .
فعلى المثقفين وطلائع المجتمع الواعية التصدي لمثل هذه الحالات ، واشاعة القيم والمثل العليا لحماية الذوق العام والاخلاقيات المتعارف عليها ، التي تمثل الركيزة الاساسية لحماية المجتمع ، وضمان امنه واستقراره .