23 ديسمبر، 2024 5:20 ص

أمة ذات رموز معرفية ساطعة , لها دورها الثقافي وقدرتها الإبداعية المتميزة , وتصفها بالإنحطاط وهي فيها.
لا أعرف لماذا تتجرأ على ذلك القول , وهي رموز منوّرة تتباهى بها وتتفاخر وتتألق.
فكيف يُفسر هذا السلوك أو الشعور السلبي تجاه الأمة , وكأنها حالة خيالية متصورة , وليست مجموع أفرادها ومجتمعاتها المتفاعلة.
الحالة تقدم صورة جلية عن مدى تأثير الحرب النفسية الغاشمة القاسية الضارية على وجود الأمة , فلكثرة القول بالسلب عن أحوالها , صار من العسير على نخبها رؤية الصورة بوضوح , وتسيّد الوهم بأنها خامدة مقعدة , لا قيمة ولا دور لها , ولو إختفت لن تتأثر الدنيا , وكأنها دعوات للإعداد لمحقها بضربة نووية هائلة.
فالثقافة المعادية لوجود الأمة تنتشر في أرجاء الدنيا , ويساهم فيها أبناؤها من جميع دولها.
الأمة فيها جامعات ومراكز علمية وبحثية وقدرات معرفية وحضارية هائلة , ولا نعرف سوى الكتابة بمداد السوء عنها , ونعزز ذلك بفعاليات مأساوية متوّجة بالدين.
فالأمم يتحقق قتلها بالإجهاز على نخبها وتحويلهم إلى أدوات للتعبير عن إرادات الطامعين فيها.
إذا قلنا أن الأمة بخير لا يعني إغفال ما تعانيه , بل تسليط الأضواء على الإيجابي فيها لكي يتنامى ويتطور ويمحق ما هو مضاد لخطوها إلى الأمام.
إنها ليست نظرة خيالية , أو تصورات طوباوية , إنها جد وإجتهاد للإنتقال إلى مدارات الصيرورة المتوافقة مع جوهرها الحضاري الإبداعي الأصيل.
فالقول بذلك ليس من باب النظر بعين واحدة , وتجاهل الواقع والقفز فوقه , وإنما ناجم من رؤية شاملة وعميقة وإطلاع واسع على مسيرتها وتراثها , وما فيها من طاقات وقدرات كغيرها من الأمم الأخرى.
وبما أن عددها السكاني في تزايد , فإحتمالات إنجابها للأفذاذ النوابغ سيتزايد , وهذا يعني أن أجيالها واعدة وليست قاعدة.
وعلة الأمة أنها ما تولاها صفوتها وأكفاؤها , وأذعنت للمجلوبين المسخرين لتنفيذ أجندات الآخرين.
ولهذا فأن القول بأن الأمة “منحطة” إعتداء سافر على وجودها وقيمها , ومعاني كينونتها الكبرى ورسالتها الحضارية الإنسانية الساطعة.
فهل لنا أن نكتب بمداد جوهر أمتنا؟!!
د-صادق السامرائي