23 ديسمبر، 2024 2:29 م

سلم الرواتب سيجعل العبادي بلا سلم نجاة

سلم الرواتب سيجعل العبادي بلا سلم نجاة

يبدو ان الامور بدأت تتسارع على المشهد العراقي، وان الاصلاحات التي حمل لوائها السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء استجابة لمطالب المتظاهرين الناقمين على شحة الخدمات واستشراء الفساد، قد اخذت اكثر مسارا عشوائيا، بل وفقدت البوصلة الاساسية التي تصوبها نحو الطريق الصحيح.

لقد حظي السيد العبادي قبل شهر او اكثر بدعم لا محدود، وفوض تفويضا لم يحظى به اي رئيس وزراء من قبل، وقد اعطي الضوء الاخضر من قبل الجميع بضرورة المضي في ضرب الفاسدين، واحالة سراق المال العام الى القضاء لينالوا جزائهم واعادة الامول الى خزينة الدولة، وتوفير الخدمات للمواطنين.

اصلاحات العبادي في مرحلتها الاولى لم تلامس جوهر المطالب التي ينادي بها العراقيون، لكن مع ذلك حظي بالتأييد من المتظاهرين والمرجعيات الدينية بمختلف مذاهبها، لابل حتى ان البرلمان قد منحه صلاحيات مفتوحة وقام باصدار حزمة اصلاحات اخرى تعزز موقف العبادي. لكن يبدوا ان الرجل كان يحاول عبر تلك الاصلاحات امتصاص نقمة الشارع وتهدئة ثورته والالتفاف على المطالب وتسوفيها وخصوصا ما يتعلق بمحاسبة الفاسدين وتقديمهم الى القضاء، فالعبادي يدرك ان تنفيذ هذا المطلب سيجعله بمواجهة حيتان الفساد الكبيرة وربما يتفاقم الموضوع بشكل اكبر لان العبادي كان جزءا من منظومة الفساد تلك وهذا هو الجزء المهم في الموضوع.

الحقيقة التي يجب ان تقال ان العبادي شخصية لا تملك الشجاعة الكافية لمحاربة الفساد، ولا يملك القدرة على تحقيق خدمات للمواطنين وهو يعرف ذلك حتما، لذا لجأ الى ضرب ابناء الشعب ببعضهم عبر ما يسمى بسلم الرواتب وتقليل الفوارق، محاولا بذلك احداث حالة من الصدام بين طبقات الشعب ليبعد الاضواء عن المطالب الاساسية، وهو بهذه الطريقة يحاول حماية المفسدين اولا، وهي ايضا دليل دامغ على انه متورط في هذا الفساد.

وبعد اطلاق سلم الرواتب الجديد بصيغته التي خرج فيها، بانت نوايا لعبادي الحقيقية وهو ما تم كشفه من قبل المرجعيات الدينية وحتى مجلس النواب، وهذا ما جعل مرجعية النجف تسخط على رئيس الوزراء كيف انه اصبح ملعونا من قبل الشعب ويسب جهارا بينما قبل شهر او اقل كان الشعب يحمل صوره ويطالبه كبطل بتنفيذ المطالب، ومن حق المرجعية ان تسخط لان هذا يعتبر قمة في الغباء من قبل رئيس الوزراء.

اما البرلمان فلم يصبر طويلا بعد ان افتضح امر العبادي، فاصدر قرارا صوت عليه بالاغلبية الكبيرة على سحب التفويض من العبادي والصلاحيات التي اعطاها له، وبهذا يكون البرلمان اكثر ادراكا ومعرفة بان هذا الرجل لا يصلح لقيادة العراق، وربما سيذهب العبادي دون ان يكمل دورته الرئاسية، او كما قال عزت الشابندر بان العبادي آخر رئيس وزراء من حزب الدعوة