18 ديسمبر، 2024 6:22 م

“سلمى الذّكيّة حُمّلت ما لا طاقة لها به

“سلمى الذّكيّة حُمّلت ما لا طاقة لها به

“سلمى الذّكيّة حُمّلت ما لا طاقة لها به
عن مركز الدراسات النّسوية صدر عام 2014 كتاب “سلمى الذّكيّة” لساما عويضة، وصدرت طبعته الثالثة عام 2021، ويقع الكتاب الذي رافقته رسومات خالد جرادة وصمّمه عماد أبو بكر في 17 صفحة من الحجم المتوسّط.

لقد أحسنت الكاتبة لعدم تصنيفها لهذا النّص الموجّه للأطفال كقصّة، لأنّه بعيد عن السّرد القصصيّ، وهو عبارة عن حواريّة بين عصفور وطفلة اسمها سلمى. ويلاحظ من خلاله أنّ الكاتبة حمّلت أفكارها للطّفلة “سلمى”، وهي أفكار بعيدة عن تفكير الأطفال.

وعودة إلى النّصّ، فقد جاء ص5 على لسان سلمى:” يقولـون إنّنـي شـقيّة ورضيـتُ بذلـك.. ومـن ثـمّ أصبحـوا ينادوننـي سـلمى الشّـقيّة ورضيـت”، فإذا ما ارتضى بعض الكبار بوصف طفل بالشّقيّ فهل يُعقل أن يرضى طفل بهذا الوصف؟ وإذا كان من أهداف الكتابة للأطفال هو تربيتهم على القيم الحميدة، وغرسها في نفوسهم، فهل الشّقاء من مقوّمات التربية الصّحيحة؟ وهل مطلوب من أطفال تنظيف بيوتهم ومنعهم من اللعب مع أقرانهم؟ فقد جاء على لسان أمّ دنيا ورندة عندما طرقت سلمى باب بيتهما؛ لتلعب معهما:” متأسفون يا سلمى، فدنيا ورندة لن تتمكنّا من اللعب معك، فهما مشغولتان بتنظيف البيت.”ص6. و”للأسف دوما مشغولتان تنظيف البيت وترتيبه وجلي الصّحون وهكذا.”ص6. وهذه أعمال لا يقوى عليها الأطفال، فهل الأمّهات بهذه القسوة مع أطفالهنّ؟ وعندما ذهبت رندة إلى المدرسة دون أن تقوم بواجباتها البيتيّة وبّختها المعلّمة وطردتها من الصف؛ لتحضر مع والدتها، وعندما تدخّلت سلمى وطلبت من المعلّمة أن تسامحها، نهرتها المعلّمة قائلة:”من طلب منك أن تتحدّثي، التزمي الصّمت”ص8، فأيّ معلّمة هذه؟ وهل يُعامل الأطفال في المدارس بهذه الطّريقة، وهل من التّربية أن تقمع المعلّمة طفلة جريئة وتمنعها من قول كلمة الحقّ كما حصل مع سلمى؟ وعندما عادت رندة إلى المدرسة مع والدتها:” لكنّنـا لـم نسـمع سـوى الصـّراخ المتبـادل مـا بيـن المعلمـة والأمّ ولـم تعـد رنـدة إلـى الصـف.” وهل هذا معقول أيضا؟ فكيف تتبادل المعلّمة والأمّ التي هي وليّة أمر الطالبة الصّراخ؟” ص11. وما تأثير ذلك على نفسيّة التّلاميذ الأطفال؟ وإذا لم تعد رندة إلى مدرستها وأمّها معها، فمع من ستعود؟ وفي الصّفحة 12 العصفور يعتبر سلمى مخطئة لأنّها دافعت عن رندة! والعصفور دوره في النّصّ دور الحكيم النّاصح لسلمى! ويبرر ذلك بقوله:” أننــي أعتقــد بــأن علــى رنــدة أن تتعلـّـم كيــف تدافــع عــن نفســها، وتعبّر عن رأيها وحاجاتهـا ولا تنتظـر ذلـك مـن الآخريـن.”ص17.

أليس في هذا قمع لحرّيّة الرّأي وتربية الأطفال على الخنوع؟ جميل تعليم الأطفال كيف يدافعون عن أنفسهم، لكن يجب عدم قمع أطفال آخرين يدافعون عن الحقّ.

وهل من الحكمة ترسيخ عدم تعليم البنات في ذهن الأطفال:” قالت سـلمى بحـزن: أمّ رنـدة تقـول إنّ التّعليـم للبنـت غيـر مهـمّ، لأن البنـت خلقـت للـزّواج والعنايـة بالبيـت والـزّوج والأطفـال، وأنهـا تعـدّ رنـدة لتكـون جاهـزة لهـذه المهـام.” ص 15، قد نجد أمّهات جاهلات يتحلّين بهكذا مفاهيم خاطئة، لكن من يجبرنا بطرح هكذا مفاهيم أمام أطفال؟ وما الفائدة من تعميم هكذا مفاهيم؟

وينتهي النّصّ بنصيحة العصفور لسلمى:” عندمـا يقـوم أيّ أحـد بتسـميتك سـلمى الشّـقيّة، قولـي لـه بـل أنـا سـلمى الذّكيـّة، وذكائـي يكمـن فـي أنّنـي أوازن مـا بيـن دروسـي ولعبـي ومسـاعدة أهلـي، وأسـتطيع أن أعبّر عن رأيي.” جميلة هذه النّصيحة لكنّها جاءت متأخّرة.

ويلاحظ من خلال هذا النّصّ أنّ الكاتبة عبّرت عن مفاهيمها ومفاهيم الأطفال، ولم تتركهم يتحدّثون عن أنفسهم.

يؤخذ على هذا الكتاب عدم تشكيل الكلمات مع أنّه موجّه للأطفال، ومن أهداف الكتابة للأطفال تعليمهم أصول اللغة الصّحيحة.

الرّسومات: الرّسومات غير موفّقة فعلى سبيل المثال “رسم العصفور” لو أخذناه بعيدا عن النّصّ لما دلّ على عصفور، ووجوه الأطفال مفلطحة لا تليق ببراءة وجمال الأطفال.

سؤال: لماذا لم يظهر في النّصّ والدا سلمى؟ وأين والد رندة ودنيا؟

وماذا بعد:

الكتابة للأطفال من أصعب الكتابة، ومن المحرّمات تشويه صورة الأمّ والمعلّمة أمام التّلاميذ.