ينتابني شعور بالقلق والخوف، فضلاً عن الإستغراب! وأنا أتصفح المواقع ومحركات البحث الألكترونية، لأبحث عن ما أستطيع الحديث به حول الوجود الفارسي الحقيقي ومدى تلاصقه بالأسلام، يبدو إن أبناء الجماعة وتلامذة (إبن تيمية, ومحمد بن عبد الوهاب, والعريفي, وأبن باز) وتلك الدول (الخليجية والأسيوية والأفريقية)، التي تدين بمؤلفات وفتاوى هولاء، لهم السطوة والغلبة في تسيد تلك المواقع والمحركات، لنشر أفكارهم وسمومهم وأكاذيبهم المفتضحة فيها، متناسين ومتخاذلين وسادلي ستار جنبتهم، على أحاديث الرسول ومواقفه الحسنة من الفرس، وللغرابة والأسف الشديد، أن يتوصل هولاء النواصب، الى زرع أفكارهم في داخل الوسط الشيعي العربي، مما يجعل الشيعة هولاء ينكرون ويعرضون عن روايات الرسول والإمام علي في الفرس، فيشقون بذلك صفوف الشيعة..!
(إثبات الشيء لا يعني ما عداه)، وإثباتنا التالي لا يعني بأن نقدس الفرس على مآثر العرب، وحتى أكون بعيداً عن الأتهام، اقول بأني لست ميالاً لأكون فارسي، وأتخلى عن عروبيتي، بقدر ما أريد أن أكون منصف مع الواقع، وأتكلم عن حقائق التأريخ، ومن هذا المنطلق سأورد روايتان فقط، و بسند صحيح يتفق عليه عامة المسلمين والعرب وكالتالي:
1-إجتمع الرسول الاكرم بنفر من أصحابه، وكان فيهم (سلمان الفارسي)، وبينما يتبادل الجميع أطراف الحديث مع النبي، أقبل الإمام (علي) عليهم، فتبسم الرسول كعادته، وقال: لأحد أصحابه العرب يا فلان: ( ماذا لو قلت لك بأن (علي) شارب للخمر )؟! ضحك الصحابي وقال: (وما كان ليفعلها (علي) وهو أولنا في الإسلام، النبي ألتفت (لسلمان) فقال: (ماذا لو قلت لك بأن (علي) شارب للخمر)؟! تبسم (سلمان) وقال: (لقلت أن الخمر حلال..! لا أنت تَكذب يا رسول الله وأنت الصادق الأمين، ولا علي يفعل المنكر والحرام..! قام الرسول من مكانه ومسك كتف (سلمان) وقال: (خذوا دينكم عن سلمان أهل البيت..)!
2-نقل (يزيد إبن سنان) عن سلسلة من الصحابة عن (عباد بن عبد الله) قال: خطب فينا (علي إبن أبي طالب)، يوماً وكان معظم الصف الأول من الفرس، وكان (صعصة إبن صوحان) الى جنبي، فشق رجل عربي طريقه بين المصلين، وهمس في أُذن (علي) فنهره الإمام ثم قام (الأشعث إبن قيس) وكأنه فهم الكلام! فقال يا (علي) لقد غلبتنا الحمراء على قرب وجهك، وكان يقصد الفرس! قال: فضرب صعصعة على ظهري وقال: ليبدين الإمام من أمر العرب كلام كان يكتمه، فتكلم الإمام وقال: ( من يعذرني من هذه الضياطرة، يتقلب أحدهم على حشاياه، ويهجر قوم لذكر الله، تأمروني أن أطردهم.؟ فأكون من الظالمين! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لسمعت رسول الله يقول فيهم:(يضربونكم على الدين عودا، كما ضربتموهم بداءاً).!
الغلبة في خبث ونفاق سكان الجزيرة العربية، فيما ينطبق عليهم مفهوم (الأعراب) أي ما تمثله اليوم من الدول الخليجية ( السعودية وقطر والبحرين والإمارات) مع سذاجة وجهل البسطاء على موائد جياع الفكر، أوصلتنا بأن ننسخ أو نتجاهل الآيات القرأنية التي تقول: (ألْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، وأية اخرى تقول: (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ۚعَلَيْهِم دَائِرَةُ السَّوْءِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(، في حين لم نجد في القرأن أو في سيرة الرسول وأهل البيت، آية او رواية تحذرنا من الفرس، بل هنالك ما يعبر عن مدحهم في بعض موارد الحديث، ولكن للأسف أستعيض عن تلكم الآيات، بحديث موضوع لا يقل شأنا عن ما كان يختلقه (أبو هريرة) في بصل عكة، فقيل: (ما حن أعجمي على عربي قط)..! فأين روايات الرسول في الفرس؟ وأيات الله في الأعراب، من صدق هذا الحديث الذي وضعته تلك الأعراب، المتربصة بالإسلام وأتباع محمد السوء؟
نهاية الحديث نقول، تربطنا وإيران (الفرس) تاريخ ومصير ومصالح، إمتدت منذ اليوم الذي دخل به (سلمان الفارسي) بيت رسول الله، وقال فيه الرسول: (سلمان منا أهل البيت)، مرورا بيوم حفر الخندق حول جيش المسلمين، فكان (سلمان) يداً تقاتل اليهود، ويد تحمي رسول الله، وعين تراقب (علي إبن أبي طالب)،وصولاً الى دخول (سليماني الفارسي)، العراق والجهاد وبيت الحشد الشعبي، ليكون يد تقاتل ويدا تحمي وعين على العراق، لنتجرد من افكار الاعراب ونتجمل بثياب الاسلام الحقيقي والإنصاف، الذي يقول ( أكرمكم عند الله اتقاكم)، بهذا القدر من التأريخ لا حاجة أن أثبت شرعية وجود سليماني في العراق، أو أبرهن بأن إيران شريك فعال، ومصير مشترك مع العراق، ولكن أختم مقالي بقول ألحظه مع نفسي: ((سلمان الفارسي و سليماني الفارسي )، رحلة تأريخ من معركة الخندق الى معركة الموصل)