قبل اكثر من أسبوع ، وجدتُ مصادفةً ، عندأحد ألاًصدقاء كتاباً جديداً مُسلفَناً مكتوباً باللغة العربية . عنوانه ( اَيات شيطانية ) .بادرَ صديقي ، بعدَ أن رأى أستغرابي . أن يُعيرني أياه للقراءة . الكتاب المقصود هو نسخة من ترجمة عربية ، ربما مُزيفة ، من رواية البريطاني الجنسية الهندي الأصل ، المُسلم ، ( سلمان رشدي )، المعروفة ( ألاَيات الشيطانية ) المنشورة في لندن في نهاية ثمانينات القرن الماضي .
كنتُ قد قرأتُ ذلك الكتاب بلغته الأصلية ( الأنكليزية) بعد أقل من سنة من صدوره , وكتبتُ عرضاً وتقييماً له ، وقدمتُ رأياً بمقترحات مُحددة بشأن التعامل معه ( مهنياً ) و ( أدبياً ) و( سياسياً ) ، خصوصاً ، بعد أن أخذت قضية الكتاب و مؤلفه ، أبعاداً سياسية دولية ، في اثر تداعيات ( فتوى الخميني) في 14 شباط 1989 ب ( أباحة وأهدار دم سلمان رشدي ، بأعتباره مُرتداً عن ( الأسلام ) . لا أريدُ ان أن أقول رأياً في الرواية الأصل ، اذ سأتركُ ذلكَ لنهاية المقالة ، بل سأقولُ شيئاً في المطبوع ( العربي ) ” المسخ ” الذي بين يدي : 1.الترجمة المزعومة لا تحمل أسم مترجمها الحقيقي و (لا ) المُستعار .
2 . لا يوجد أسم المؤسسة او دار النشر.
3 . لا توجد سنة النشر او مكانه .
4. هناك أخطاء أسلوبية و( صياغية ) ، لغوية ونحوية وأملائية كثيرة ، بل ربما لا تُعَد .
5 . الرواية المُترجمة للعربية جاءت ب [ 256 ] صفحة من القطع المتوسط ، بينما ، أصل الرواية بلغتها الانكليزية ، كان ب 576 صفحة من القطع المتوسط .
6. كان ينبغي على المترجم المزعوم أن يُترجم عنوان الرواية الأصلي الأساس : الى ( ألاَيات الشيطانية ) ، بصيغة التعريف المؤكدة ، وليس ( بصيغة : ” اَيات شيطانية ” التي تحتمل ( التنكير ) أكثر من( التعريف ) ، خصوصاً ، وأن الكاتب الأصلي وَضعَ أداة التعريف الأنكليزية THE في بداية عنوانه .
7 . حسب علمي ، لم تَصدر أية ترجمة عربية ( ورقية ) من أي من دور النشر العربية لهذة الرواية ، عدا ترجمة مُبتسرة ومطبوعة على الاَلة الكاتبة وبنُسَخ مُستنسخة ، تمَّ تداولها بشكل سري ومحدود في أروقة جامعة دمشق في بدايات عقد تسعينات القرن الماضي . كما أن الشاعر السوري ممدوح عدوان كان قد ترْجمَ جزءاً من الفصل السابع من الرواية وبعنوان ( الملاك عزرائيل ).
8 . بعد مقارنتي للطبعة الورقية الصادرة حديثاً لترجمة الرواية مع ترجمة دمشق المجهولة ، وجدتُ ان الترجمة الصادرة حديثاً ، هي نفس تلكَ الترجمة مع أختصار وتشويه مجاني يدلل على ضعف الاهتمام وعدم المسؤولية الأدبية والمهنية .
أعودُ الى أصل الرواية / الكتاب :الرواية بمجملها وتداعياتها تعود الى ما يُعرف ب ( الواقعية التأريخية الغرائبية ) أو ( الواقعية السحرية )في منظار السرد الروائي العالمي ، أدبياً ونقدياً ، أذ أنها تعتمد ( أسلوب ) هذيانات احلام النوم أو اليقظة و الكواببيس المتعلقة بهما ، وما يرتبطُ بذلك من تداعيات تتعلق بمفاهيم ( تناسخ الروح والجسد ) و ( التقمص ) ، مع تركيز على أوضاع مهاجري شبه القارة الهندية الى بريطانيا ( سواءً الجيل الأول أو مابعده ) ، خلال الفترة ( التاتشرية ) – نسبةً الى رئيسة وزراء بريطانيا المحافظة ” مارجريت تاتشر ” ، مع تأكيد على خلفيتهم الثقافية الحضارية التي يُ شكل الأسلام عنصراً مهماً وحيوياً منها . لذا أحتلَّ ( التأريخ الأسلامي ) ، سواءَ كان وقائع حقيقية أو خيالية ( وما أكثرها ) أوردها الكاتب ، الحيز الأكبر من الرواية . من المؤكد لستُ مع ما جاء في الرواية من ( أخبار ) أو خيال لحوادث زعم الكاتب حدوثها أو ( ساهمَ في أختلاقها ) دون وجه حق . لذا سأُحيل القارىء الجاد لهذا المقال الى كتابين مهمين و ( مرجعيينْ ) ، درسا ، بحثاً وتمحيصاً ومنهجاً ، وبطريقة فيها من ( الموضوعية ) الكثير ، مسألة كتاب ( الاَيات الشيطانية ) ل ( سلمان رشدي ) .
الكتابان كلاهما للمفكر العربي السوري الأستاذ الدكتور ( صادق جلال العظم ) ، أولهما ، ( ذهنية التحريم ) الذي دافع فيه عن الرواية / الكتاب كثيراً ،وثانيهما ، ( ما بعد ذهنية التحريم ) ، الذي كان فيه أكثر موضوعيةً ، أذجمعَ فيه كل دراسات ومقالات الذين عارضوه ، بأمانة شديدة ،وناقشهم فيما الذي أختلفوا فيه معهُ . أُكررُ التأكيد ، لستُ من الموافقين مع الدكتور ( العظم ) ، كُلاً أو بعضاً ،من اَراءه في هذا الشأن ، لكنني ، بنفس التأكيد ، أراهُ واحداً من ( المؤسسين) (المرجعيين )، مثل : المغربي الدكتور ( محمد عابد الجابري ) و اللبناني جورج طرابيشي ) والعراقيين الأساتذة الدكاترة المرحومين : حاتم الكعبي وعلي الوردي والشيبي والألوسي والنعيمي ، و الأستاذ الدكتور عبد الستار عز الدين الراوي ( أطالَ الله في عمره ) ، وغيرهم كثير لا تحضرني أسماءهم العزيزة ، التي أتمنى أن تتطَلعَ على مؤلفاتهم الأجيال الحالية بعينِ مُتَدبرة وعقلٍِ نقدي مفتوح.