ذات مرة رأى رئيس أحد البلدان أن يجتذب الأذكياء للعمل على صناعة قادة للمستقبل , فإستدعى أوائل المرحلة المنتهية في الدراسة الإعدادية , وأغراهم بالإمتيازات والمحفزات , ودعاهم للإستجابة لفكرته.
وفي هذا الإجراء تأكيد على أن البلاد يجب أن يقودها الأذكياء , لا الذين فشلوا في دراستهم , وما تمكنوا من إحراز ما يؤهلهم للتقدم المعرفي ودخول الجامعات , فوجدوا أن لابد من الذهاب إلى النشاطات التحزبية والإنقلابية , وهم يحملون مشاعر إحباط شديد , يعبرون عنه بسلوكيات إنتقامية تجاه الأذكياء من أبناء شعبهم , ولهذا تجد المجتمعات التي تولاها هؤلاء , قد تسببوا بتداعيات قاسية , وما وضعوها على سكة التواصل الحضاري المعاصر.
فبلدان متعددة في الأمة , أمسك زمام السلطة فيها المصابون بعاهات نفسية , ودرجات متنوعة من الغباء , الذي برهن عليه سلوكهم المتمثل بعدوانيتهم على بعضهم وعلى مواطنيهم , وعدم قدرتهم على إقامة معالم الألفة والأخوة الوطنية , الصالحة للحياة الحرة الكريمة.
ويمكن القول أن خراب الأوطان سببه الأساسي والجوهري الكراسي المدثرة بالغباء وإنعدام الدهاء , والتي تنث سذاجة وجهلا وحماقة , فأودت بالبلاد والعباد إلى سوء المصير.
وتجد المفكرين والباحثين والمهتمين بالشؤون السياسية والإجتماعية , يغرقون في النتائج المترتبة على سلوك الكراسي الغبية , ويغفلون أسباب العلة الحقيقية , ولهذا فأن دراساتهم ومشاريعهم ما أوصلت مجتمعاتنا إلى برّ الأمان , فالعلة في الرأس وليس البدن.
فالبدن السليم في الرأس السليم , أما إذا ألِست الرؤوس وتعطلت العقول , فماذا يُرتجى من بدن دليله يرفع رايات الفساد والسوء والبغضاء , ويمعن بالعداوة والطائفية ويتفاخر بسفك الدماء , وقهر الآخر الذي عنده رأي لخدمة الوطن والمواطنين.
فهل سيجلس على كراسي السلطة أصحاب العقول السليمة , لكي تتمتع المجتمعات بحياة حرة كريمة؟!!
د-صادق السامرائي