يشكل عدم وفاء المتعاقد مع الادارة العامه في بعض الاحيان مخالفات جسيمه ترقى الى مصاف الجريمه الجنائيه..والسؤال المطروح هنا والذي يجب علينا الاجابه عليه في هذه الدراسه هل يحق للاداره فرض الجزاءات الجنائيه على المتعاقد معها بارادتها المنفرده ودون الرجوع للقضاء..؟
عمومآ تحكم الجزاءات الجنائيه قاعده هامه ومسلم بها في نطاق قانون العقوبات تقول
(لا جريمه ولا عقوبه الا بنص) واذا كانت هذه القاعده هي التي تحكم (الجرائم والعقوبات) فأن ذلك يترتب عليه نتيجه هامه ومنطقيه الا وهي ان عدم تنفيذ العقود الاداريه لا يمكن بالضروره ان يؤدي الى توقيع جزاءات جنائيه على المتعاقد مع الاداره الا اذا كان الاخلال بالتنفيذ او مخالفة الالتزام يشكل جريمه يعاقب عليها قانون العقوبات ولكن مع ذلك لا تستطيع الاداره ايقاع هذه العقوبات الجنائيه على المتعاقدين معها من تلقاء نفسها وبارادتها المنفرده لانها تصبح والحاله هذه مغتصبه لسلطه القضاء المختص..ولكن يمكن ايقاع هذه العقوبات الجزائيه استثناءآ وفقط في حالة وجود نص قانوني مباشر في( لوائح الضبط الاداري) كمسوغ قانوني يسمح لها بتحريك سلطة الضبط الاداري لتطبيق لوائح البوليس الاداري هذه باعتبار الاداره العامه(سلطة ضبط اداري) كونها تحوز دستوريآ على مثل هذه السلطات الضبطيه للحفاظ على النظام العام كأجراء أستباقي.. كما يجب الاشاره هنا انه اذا عملت الاداره على تضمين عقودها الاداريه شروط استثنائيه تخولها حق توقيع عقوبات جنائيه على الطرف المتعاقد معها تعتبر هذه الشروط وهذه العقوبات باطله بطلانآ مطلقآ لمخالفتها للنظام العام ولا يلتزم المتعاقد بها حتى لو كان قد ارتضاها ووقع عليها بنفسه..!! ولهذا يتعرض المتعاقد مع الاداره للعقاب الجنائي بمقتضى نص مباشر في القانون او لمخالفته الالتزامات المفروضه عليه بمقتضى احكام لوائح وقرارات الضبط الاداري والذي يسمى احيانآ(بالبوليس الاداري)..
وهكذا وطبقآ للقاعده العامه التي تحكم قانون العقوبات فأن العقد الاداري لا يمكن ان يحوي من ضمن شروطه نصوصآ تتعلق بحق الاداره في العقاب الجنائي أو وضع جزاءات جنائيه لمخالفات معينه ينص عليها العقد. ويقوم القانون نفسه باعباء هذه المهمه وينص على المخالفات العقديه والتي تنظر في هذه الزاويه على اساس انها جرائم جنائيه معاقب عليها وفق قانون العقوبات.. وعلى ضوء ماتقدم يخضع المتعاقد مع الاداره للوائح الضبط الاداري وتوقع عليه العقوبات المقرره بها ولكن اساس خضوعه هنا ليس بصفته (كمتعاقد) مع الاداره بل شأنه شأن كأي مواطن عادي وعلى قدم المساواة تسري عليه احكام لوائح الضبط الاداري والتي تعني بالحفاظ على النظام العام بمحاوره
((الامن العام- الصحه العامه – السكينه العامه- والأداب العامه)) وذلك كونها أجراء وقائي واستباقي للتصدي لعملية الاخلال بالنظام العام.. وللعلم ان احكام وقرارات الضبط الاداري هي من النظام العام كونها قواعد أمره لا يجوز الاتفاق على مخالفتها..؟ واي اتفاق بين الاداره والمتعاقد على مخالتها او اعفاء المتعاقد من تطبيقها عليه يعتبر عملآ تصرفآ باطلآ..؟
وبديهي التزام المتعاقد بلوائح وقرارات الضبط الاداري وذلك كونه شخصيه قانونيه عاديه وليس كونه متعاقدآ مع الاداره..
ملاحظه هامه:
المقاله اعلاه هي قراءه قانونيه انتقائيه لكتابي بعنوان(الاسس القانونيه لسلطة الاداره في الرقابه على اعمال العقد الاداري) والصادر عن دار الحكمه للطباعه والنشر..ليبيا/طرابلس2010