18 ديسمبر، 2024 4:23 م

سلسلة التبصير والتوعية (20)،،القومية العمياء

سلسلة التبصير والتوعية (20)،،القومية العمياء

نحب العروبة ولا غنى لنا عنها ، وليس مثل العرب عرق يُفتخر به ، فقد كانوا رجالا في جاهليتهم وحرائر في جاهليتهن ، وكانوا أصحاب نخوة ووعد ونجدة وحفظ جوار وقيم اخرى لم تكن أمم اخرى تعنى بها او تعرفها ، وأخلاق أشاد بها من جاء بعدها وهو على “خلق عظيم” عليه الصلاة والسلام إذ قال “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق” ،وقال عنهم “خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا” ، ثم كانوا ابطالا في الاسلام و”خير امة اخرجت للناس” حملوا الأمانة وبلغوا الرسالة ونشروا الدين وتسيدوا على العالمين ، وكانت نساؤهم عفيفات قانتات حافظات للغيب نجيبات في تربيتهن وأخلاقهن ، فحق لنا ان نفخر بعرقنا
“فنحن افصح الناس لسانا واصلب الناس عودا
وكأنّ الاله قال لنا في ،،، الحرب كونوا حجارة او حديدا”
ونحن الذين “اذا مات منا سيد قام سيد”
“واذا بلغ الفطام لنا صبي ،،، تخر له الجبابر ساجدينا”
ولكن ان تغض الطرف وتحجب عن النقد كوارث صدام ومصائبه وطغيانه لمجرد انه عروبي يحب مصر وفلسطين ، وتمجد عبد الناصر لانه كان عالي الصوت في التشدق بالعروبة واطي الفعل والعمل، وتترحم على جنون وسقطات القذافي لانه ينادي بالعروبة وتسكت عن عته السيسي لانك تراه عربيا وتغمض عينك عن خيانة بن سلمان للدين ولمقدسات المسلمين وتاسيس بن زايد لدين بديل لمجرد انك عروبي وتحتضن بشار -قاتل شعبه- باسم العروبة ، فانك حينئذ وان كنت صافي العرق والعروبية ولكنك مصاب بلوثة عقلية او بموت سريري للضمير والوجدانية والشهامة.
العرب رفعهم الاسلام وهم مادة الاسلام وحاملو رسالته ،ولم يكن لهم ذكر بين الأمم قبل ذلك وان تباروا بقيمهم التي اسلفناها ، فان هجروا المسلمين او سلموا لاعداء الدين او انفصلوا عن اخوتهم المؤمنين فلعنة الله على القومية واهلها ،
نعم منهم نصارى وصابئيون وغيرهم من النحل والملل التي نتقاسم معهم دماء العروبة باعتزاز فخورين ، ولكنهم ونحن عشنا تحت كنف الإسلام معززين مكرمين ، والعرب منذ 14 قرنا او يزيد تأسس لهم مجد جديد وانبثقت منهم امة جديدة هي امة الاسلام فارتبط اسم الاسلام -دين الله للعالمين- بالعرب ، وارتبط العرب به فلم يفترقا ، فصرت اذا قلت في اي محفل او ارض او بلد انني عربي فهموا انك مسلم بل انك سبب الاسلام بخيره وشره وحاشا الاسلام من الشر ، ولكنهم المتسمون باسمه ، انت عربي فانت مسلم الى ان تخبر بلسانك عن غير ذلك ،
فبعد محمد عليه الصلاة والسلام صار اسمنا المسلمين ملة ابينا ابراهيم هو الذي سمانا فاحياها نبينا العربي وقال انا للناس كافة فوحد بالاسلام بين الاوس والخزرج خصماء الدهر وصاروا لحمة واحدة ، وبين المهاجرين والانصار فصاروا اخوة في الدين وهم ليسوا اخوة دم ،
ثم بين اهل العراق واهل الشام ومصر واليمن فصاروا امة واحدة بالاسلام ، ثم بين الخزر والشركس والقوقاز والترك والافارقة وبني الاصفر والاسبان والصرب والالبان وكل لون وعرق وجنس ، صاروا اخوة دين يالمون لبعضهم وينصرون بعضهم ويقاتلهم عدوهم كملّة واحدة لايفرق بينهم بعرق او ارض ، كما لايفرق الاسلام “بين عربي واعجمي الا بالتقوى” فكان اعتصامهم “بحبل الله” و ولاؤهم لدين الله ودستورهم كتاب الله امة واحدة ،
وعلى هذا نشأنا وبهذا أُمرنا فمن اراد ان يقدم عروبته على الإسلام فينصر عربيا لعرقه على اعجمي مسلم “صحيح الإسلام” فقد خاب وخسر ، ومن تخلى عن خزري او رومي او اذري مسلم لأجل عرقه فقد باء بغضب الله ، “فالمسلمون كالجسد الواحد” وليس العرب فحسب ، فاعراق غير العرب اليوم هم الذين رضوا “ان يعودوا برسول الله بعد ان عاد الناس بالشاء والبعير” ،
فمن لهث وراء قوميته ناكرا دينه ، ومن نصر منافقي قومه على مؤمني قوم آخرين فهو عنصري أعمى ﴿وَمَن كَانَ فِى هَٰذِهِۦٓ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِى ٱلْءَاخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾