لعل من ابرز السلبيات التي التي افرزتها ظاهرة الانغماس الكلي في دردشات الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت تعرف في أوساط التواصل الرقمي بالسوشيال ميديا، هي ظاهرة الإدمان بالاستخدام المفرط للإنترنت. وقد باتت هذه الظاهرة تشكل مصدر قلق للمجتمع، ولمؤسساته التربوية، والتعليمية معا،وذلك بعد أن تحقق انفصال المستخدم عن واقعه الحقيقي، المتمثل بانفصاله عن أسرته، وأصدقائه، ومجتمعه ،ليحل محله، الاندماج التام بالواقع الافتراضي الجديد، الذي انغمس فيه.
وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من ظاهرة الإدمان على استخدام الانترنت، والتعود المفرط على الإبحار في فضاءاتها، يصابون غالباً بالقلق الشديد ، والشعور بالإحباط، عند ما تنقطع الإنترنت عنهم ، ويبقون دون اتصال، سواء كان وسيلة الاتصال، هي الهاتف النقال الذكي، او الأجهزة اللوحية، او الحاسوبية، مثل اللابتوب.
لذلك بات الاستخدام المكثف للإنترنت عبر الأجهزة الذكية ، ودون تحكم بطول زمن فترة الاستخدام، يؤثر سلبا على الصحة النفسية للمستخدمين ، ويفتح الطريق واسعاً أمام معاناة شديدة تنتاب الأشخاص الذين اعتادوا الإدمان عليها، حيث يعانون من قلق الابتعاد عن الهاتف المحمول، أو تعذر الاتصال بالإنترنت، وهو ما بات يعرف اليوم برهاب الخوف المرضي من البقاء بدون انترنت، ورهاب فقدان الهاتف الذكي، لتصبح أنماط فوبيا جديدة، لم تكن معروفة ضمن قائمة أمراض الرهاب سابقا.
وتتجلى ظاهرة الإدمان على الإنترنت، بشعور المستخدم بالصدمة، والإحباط ، عندما يتعذر عليه الوصول إلى الأجهزة الرقمية، او يتعذر عليه الاتصال بشبكة الإنترنت لأي سبب كان ، حيث يلاحظ أنهم يستميتون من أجل حيازة الأجهزة لتكون في متناول ايديهم ، ويهرعون إلى تحقيق إعادة اتصال عاجل بشبكة الإنترنت، بأي وسيلة متاحة .كما يلاحظ ان من أعراض الإدمان،ان يهرع الشخص إلى تصفح جهازه النقال،او اللوحي، حال استيقاظه من النوم، ويبادر بشكل محموم لدخول الإنترنت، قبل أن يقوم من فراشه، لتنظيف يديه، وغسل وجهه، وقبل أن يتناول فطوره .
لذلك بات الأمر يتطلب التنويه بشكل جاد، إلى مخاطر الافراط في استخدام النت، والتأكيد على ضرور الاعتدال في الاستخدام من دون إفراط، والتركيز على ثقافة الابتعاد عن التعامل مع الاجهزة الرقمية لفترة الزمن بين الحين والآخر، لتفادي الادمان، وتجنب مخاطر التدفق المستر للمعلومات، التي توثر سلباً على الادراك، بما تتطلبه من تركيز شديد ، وسرعة مواكبة، تنعكس سلباً على نشاط الدماغ، وارهاق الحالة النفسية للمستخدم، مما يستوجب العمل على عدم الانغماس كلياً في دردشات الانترنت، والحرص على استعادة الحالة الطبيعية للتواصل الحقيقي ببن الناس، ومنح الذات، فرصة كافية للشحن بالطاقة الإيجابية، التي استنزفها الإستخدام المفرط للإنترنت،وتجاوز سلبياته الأخرى في نفس الوقت.