18 ديسمبر، 2024 10:10 م

سلامةُ الطريقِ المؤدي إلى الأهدافِ بأتباعِ أهل البيتِ (عليهم السلام)

سلامةُ الطريقِ المؤدي إلى الأهدافِ بأتباعِ أهل البيتِ (عليهم السلام)

إتباع وحبّ أهل البيت (عليهم السلام) مبدأ رسالي يتضمن أبعاداً مهمة وخطيرة ، لها آثارها في حياة الفرد المسلم وحياة المجتمع الاِسلامي ، فحبهم لم يكن مجرد علاقة قلبية أو ارتباط عاطفي يشدّنا إلى أفراد لأنهم قربى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته ، بل إنّه تعلّق بحبل الله الممدود من السماء إلى الاَرض بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والذي يتحقق من خلالهِ ارتباط حياة الفرد والمجتمع بتعاليم السماء وبإرادة الخالق العزيز ، ذلك لاَنّهم (عليهم السلام) يمثّلون الثقل الالهي في الاَرض وهم آيات الله والدّالون عليه وفيهم تتجسّد الصفات والكمالات التي يريدها الله تعالى .

فحبّهم يمثل في الواقع حبّ لله وللقيم الربانية والكمالات الالهية ، وهو يسمو بالمؤمن في مدارج الوصول إلى الكمال الذي يريده الله سبحانه .

ومن جانب آخر فان حبّهم (عليهم السلام) يضمن سلامة الطريق المؤدي إلى الاَهداف التي تريدها الرسالة الاِسلامية ، ذلك لاَنّهم النبع الصافي والمصدر الاَمين لاَحكام الرسالة ومفاهيمها والانفتاح على قيمها الاخلاقية وعطاءاتها التربوية ، وبذلك فان مودة أهل البيت (عليهم السلام) ضمان لصيانة الشريعة الاِسلامية وخط الرسالة المحمدية وأفكارها وحفظ الاُمّة من الانحراف كي تسير في السبيل المستقيم الذي يؤمن لها الخير والكمال.

وبهذا فأن من نِعم الله على العبد أن يولد في بيئة ومجتمع يوالي أهل بيت رسول الله (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم) فأنها نعم وإلاء لا تعد ولاتحصى في قِبال التخبط عمن أبتعد عن طريقهم القويم, وهذا ما أشار إليهِ العلماء الصالحين أمثال المحقق السيد الصرخي الحسني في المحاضرة { 10 } من بحث “الدولة..المارقة…في عصر الظهور…منذ عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) بحوث : تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي قائلاً:

((في تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى***1648;}طه82 . عن الطبري : وقَالَ آخَرُونَ بمَا …سَمعْت ثَابتًا الْبُنَانيّ يَقُول في قَوْله : { وَإنّي لَغَفَّار لمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَملَ صَالحًا ثُمَّ اهْتَدَى } قَالَ(ثابت) : إلَى ولَايَة أَهْل بَيْت النَّبيّ ( صَلَّى اللَّه عَلَيْه وآله وَسَلَّمَ).

أقول : ولاية أهل البيت (سلام الله عليهم ) تأتي بعد التوبة والإيمان والعمل الصالح، هي توفيق من الله سبحانه وتعالى، فمن رزقه الله أن يكون في عائلة، في مجتمع، في مكان، في أرض، في ولاية، تعتقد وتلتزم بولاية أهل البيت (سلام الله عليهم) …، فهذه نعمة من الله، هذا فضل من الله، فعلينا أن نشكر النعمة، علينا أن نلتزم بنهج أهل البيت، علينا أن نلتزم بالولاية الصادقة التي أنعم الله بها علينا، أن نكون زينًا لهم لا شينًا عليهم .))

لذلك علينا إتباع ذلك الطريق السليم في الوصول الى الدرجات العليا في العبادة والتي خلق الله من أجلها البشرية , ولا نكون كمن وصفهم الأمام الصادق (عليهِ السلام) وأشار اليهم السيد الصرخي الحسني في تعليقاته قائلاً:

(عن الإمام الصادق- عليه السلام- قال: «افترق‏ الناس‏ فينا على ثلاث فرق:… وفرقة أحبونا، وسمعوا كلامنا، ولم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا، فيملأ الله بطونهم نارًا يسلّط عليهم الجوع والعطش… “لم يقصروا عن فعلنا، تمثلوا بفعلنا، عقدوا المجالس للحسين، التكايا، وزعوا الطعام والشراب، أحيوا ذكر الإمام- سلام الله عليه- كما فعل أئمة الهدى، كما فعل الإمام الصادق- عليه السلام-، ارتقوا المنابر وحكوا مع الناس بمظلومية أهل البيت- سلام الله عليهم-، لكن ماذا في هؤلاء أين البأس أين الضرر أين الخلل؟ قال الإمام: ” ليستأكلوا الناس بنا” هؤلاء ليس لله فعلوا هذا الشيء وإنما ليستأكلوا الناس، رياءً.)

وختامًا أنّ الفرد المسلم بحاجة إلى المنهل الرائق والنبع الاَصيل الذي يضمن له معرفة الحق من الباطل ويحقق له أقرب الطرق التي تؤمّن الوصول إلى خير الدنيا والآخرة ، وبما أن الاِنسان يميل إلى الاَخذ ممن أحب وممّن تعلق قلبه به ، فان من يهوى أهل البيت (عليهم السلام) سوف يأخذ العلم من أهله ، والدين من محله ، والتنزيل من مَنزِله ، والاعتقاد من أصله، وبذلك تكون محبتهم عليهم السلام وقاءً وعاصماً من الانحراف في تيارات الباطل والفرق الضالة ، وتكون فيصلاً للدين الحق عن تمويهات المبطلين وتشبيهات المغرضين .