17 نوفمبر، 2024 12:48 م
Search
Close this search box.

سلاسل وقيود الامام الكاظم دلائل وشواهد فخر للفكر المعارض للسلطة الظالمة

سلاسل وقيود الامام الكاظم دلائل وشواهد فخر للفكر المعارض للسلطة الظالمة

رسالة الامام الكاظم (ع) لهارون نزلت كالصاعقة تطرق مسامعه أختزلت حركة الطغيان والظلم الذي لحق به : {إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نفضي جميعاً الى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون} لا السلاسل ولا القيود ولا الأغلال ولا الزنزانات السوداء تحت الأرض المنسية والتي لا يعرف منها الليل من النهار,ستمنع الفكر الحر من تحقيق مبتغاه من الوصول لهدفه,يظن الطغاة المتكبرين المفسدين في المعمورة وهو واهمين أنهم بإساليب القسوة وسطوة الحديد والنار في ترهيب الناس وقادة الفكر تحديداً بمنعهم من الإدلاء بأرائهم ورؤاهم في قول الحقيقة ,إنما الفكر يواجه بسلاح الفكر وهم عاجزين عن المواجهة فليست المنازلة مقارعة فكرية وإنما المواجهة بين مصلح يحمل على كتفيه مسؤولية الأمة وإصلاحها وجاهل يريد فرض منهج العبودية على الرعية ,(18) سنة مابين سجون عامة وخاصة كان الإمام الكاظم (ع) يتنقل فيها وهو ثابتاً على مبادئه لم يساوم ويهادن عليها وكان بإستطاعته أن يمد يده ويقبل بالواقع المرير ثم تنتهي مأساته وألمه ,رفض الإمام لأن الثوابت لا تباع ولا تشترى والمبدأ لا يجزأ عنده ,ثم كيف لعملاق الصبر مثله أن يبايع ظالم ؟ المعادلة الحقيقية هي التضحية والعيش في السجون وغياهبها المظلمة ,مع الكاظم سنتلهم درساً يدرس لكل جيل مفاده أن القائد والمصلح عندما يضحي بنفسه فأن هنالك قضية مؤمن بها وعلى مريديه أن يسيروا على خطاه ,معلنين الرفض لكل فاسد آثم مختال, لا الحياد والمراوغة سترجع الحقوق المغتصبة من السارقين واللصوص ,حيث يعتقد طاغية زمانه أنه سينال منه ومن عزيمته ,فهناك يوم طويل أعده الله للمقاصّة من الطغاة الظالمين ، جدد حبس الامام رغم أن اللارشيد رأى فيما يرى النائم ( إني رأيت الساعة في منامي، كأن جيشا قد أتاني، ومعه حربة، فقال لي: إن لم تخل عن موسى بن جعفر الساعة، وإلا نحرتك بهذه الحربة، ) .. لكنها نزوة السلطة وحب الرياسة التي لايهمه لو أنه يحارب الرسول لأجلها, فكان السجن بالنسبة له أفضل مكان لمناجاة الله والتفرع لعبادته ولطاعته ,وأن صفة الصبر يسخره الإنسان العارف لبلوغ مدارج الكمال ، ويتعلم فيها ويعلّم العزم الثابت والإرادة الصلبة والتصميم الراسخ على تحمّل الأزمات ، فصبر راضياً بما قضاه الله حتّى سمّي الكاظم لما تحمّل من صعاب وما كظم من غيظ عمّا فعله الظالمون به بقوله : « اللهم إنّك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهم وقد فعلت ، فلك الحمد » كان عليه السلام يحيي الليل كلّه صلاة وقراءة للقرآن ودعاء ، ويصوم النهار في أكثر الأيّام ,كان أكثر ألمه وشقاؤه على المسجونين وما يتحملوه من أقسى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وهو يسمعهم يتصارخون ويبكون من شدة ما يقع عليهم , حتى الوساطة التي طالبوه بها محبيه رفضها لم يخطر بباله أن يظهر الإذعان والخضوع إلى السلطان الجائر كي يستدر عطفه وشفقته ،فقد قيل له وهو في الحبس : « لو كتبت إلى فلان يكلّم فيك الرشيد ؟ فقال : حدّثني أبي عن آبائه) : أن الله عزّ وجلّ أوحى إلى داود : يا داود ، إنّه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني … إلّا وقطعت عنه أسباب السماء ، وأسخت الأرض من تحته .
وظيفتنا الأخلاقية والشرعية أن نبين للناس أن الإمام عاش شامخاً واستشهد جبلاً أشم وهذا هو مسار الأحرار فلا يمكن أن يخلد تاريخهم إلا من خلال منجزهم الذي يزلزل الأرض تحت أقدامهم ,كان هارون يخاطب الغمام بقوله :أينما تذهبين فخراجك عائد لي , أراد من الأمام فقط أن يعطيه شرعية لحكمه حتى يقول للناس أن سلطتي منحت من أبن رسول الله موسى بن جعفر ,رفض وواجهه وليس عنده سوى الكلمة الصادقة والدعاء ,فكان الجلاد يرتعد ويخاف,فقصوره وندمانه وحاشيته ومن جاء بهم كل ذلك لم يجدي له نفعاً ,أنتهت المعركة وتحول الإمام لرمزاً يسكن القلوب والأفكار ويجول ذكره بين بلدان العالم .

أحدث المقالات