22 ديسمبر، 2024 7:19 م

سلاح منفلت أم أخلاق منفلتة؟

سلاح منفلت أم أخلاق منفلتة؟

لا يخفى على أحد أن مشاكل العراق كثيرة لا تعد ولا تحصى لها أول وليس لها آخر، ورغم أن كل شيء بات منفلتا في العراق! من بعد الأحتلال الأمريكي المجرم على العراق في 2003، ولكن أصبحت مشكلة السلاح المنفلت واحدة من أخطر المشاكل التي تهدد كيان الأنسان ووجوده في العراق قبل أن تهدد كيان الدولة ككل0 حيث صار من السهولة أن ينتهي أبسط شجار وعلى أتفه أمر بين شخصين أو بين عشيرتين الى قتل أحد الأشخاص أو الى وقوع قتلى وجرحى بين العشيرتين كما نسمع بذلك دائما عن طريق وسائل الأعلام كافة!، لا سيما أن غالبية العراقيين يتباهون بعصبيتهم الغبية التي تنم عن جهلهم وتخلفهم، ومما لا شك فيه أن نتائج العصبية هو الفشل والخسران والخراب ومن ثم الندم!0 وأسمحوا لي أن أطرح سؤالا عن السلاح المنفلت والأخلاق المنفلتة ونقارن بينهم ، وأيهم أكثر خطرا على المجتمع، وجود سلاح منفلت؟ أم أخلاق منفلتة؟، من الطبيعي ستتباين الأجوبة بين من يرى هذا أخطر وبين من يرى تلك الأخطر0 ولكن لو أحتكمنا الى منطق العقل فأنه يقول : أن أنفلات الأخلاق هي الأكثر خطورة من السلاح المنفلت؟! ، فعندما تنفلت الأخلاق وتنهار ينهار بنيان المجتمع كله!، فلا تبقى من المباديء والقيم الأنسانية أي شيء وبالتالي لا تبقى للأنسان أية قيمة تذكر، ويحترق الأخضر واليابس، وهذا ما يحدث في العراق الآن وما يسير عليه المجتمع!0ندخل للمقارنة: فالسلاح يكون آمن!، عندما يكون بيد أنسان عاقل ومتعلم ونحسبه على شريحة المثقفين، كأن يكون السلاح بيد طبيب أو مهندس أو استاذ جامعي أو محامي أو بيد أديب ومفكر أو أعلامي بارز، فهؤلاء يحملون السلاح للدفاع عن أنفسهم من المجرمين والقتلة أو ممن يهددهم!، فهم لا يهددون المجتمع بل يحمون أنفسهم، وهنا لا بد من التذكير بأنه سبق وأن صدرت قرارات من الدولة بذلك اذا تتذكرون!، سمحت لهم بحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم! ، بسبب الظروف الأمنية المنفلتة، وهي من جانب آخر، أن دلت على شيء فتدل على ضعف الدولة وعجزها عن حفظ أمن وحياة المواطن!، كما في صورة المشهد العراقي حيث أنفلات الأمن ولا وجود لهيبة الدولة والحكومة ولا وجود لأية خوف من سلطة الحكومة وأجهزتها الأمنية!، فكل المسيئين والمجرمين والقتلة أمنوا العقاب فتطاولوا وتجرأوا وتجاسروا على الأساءة والأعتداء على الناس المسالمين الضعفاء! 0 ولذا ينتاب المواطن البسيط والضعيف والمسالم الفرح ويشعر بالفخر عندما يسمع ويرى تحرك الجيش والشرطة والقوات الأمنية من أجل بسط الأمن في هذه المنطقة وتلك أوعندما تقبض على مجرم أو قاتل ولا يهمها كان من يكون وما هي تبعيته ومن وراءه!0 نعود الى شريحة المتعلمبن والمثقفين الذين نأمن جانبهم ولا نخاف منهم عندما يحملون السلاح كما ذكرنا قبل قليل، فهؤلاء وأن وجدت فيهم بعض العيوب!، فهم بالتالي أناس مسالمين بطبيعتهم لديهم نظرة أنسانية، وليس فيهم نزعة عدوانية وشريرة وهم يحترمون شيء أسمه القانون والدولة حتى وأن كان وجودها بالأسم فقط!0ولنعكس صورة المقارنة، ونرى كيف يكون حال السلاح عندما يكون بيد أنسان أمي وجاهل ومتخلف ومتناقض، تربى في الشارع لا يعرف شيء أسمه الأخلاق والأدب ولربما أنه لم يسمع بهذه الكلمات أصلا ولا يفهمها!، كما أنه لا يعرف شيء أسمه أحترام الآخر ويكره كره العمى النظام ويعشق الفوضى، لأنها جزء من تركيبته الأنسانية والمجتمعية التي نشأ وتربى عليها، ولأن مرجعيته وسنده بالحياة هي العشيرة وأن خيمة المضيف تمثل له الأمان، فبالتالي هو لا يعترف بالقانون ولا يحترمه!0 فهذا وأمثاله ومع الأسف صاروا يشكلون صورة المجتمع العراقي لكثرتهم، فهم يتناسلون ويتكاثرون كدود الأرض!، فعند هؤلاء يكون السلاح غير آمن ومنفلت ومتعدد الأغراض!، فهو كما يستعمل السلاح بالأعراس برمي الأطلاقات تعبيرا عن الفرح، فهو يرمي الأطلاقات النارية أيضا في المآتم تعبيرا عن الحزن!، وتقبلنا صورة السلاح هذه على مضض رغم سلبيتها وخطورتها وتخلفها وأعتبرناها أحد عاداتنا وتقاليدنا وموروثنا الأجتماعي! ، ولكن المصيبة الكبرى تكون عندما يستعمل ذات السلاح في أية مشاجرة كانت لقتل من يتشاجر معه! 0 فهذا وأمثاله لا يعرفون لغة التفاهم أصلا!، فهي أكبر من عقولهم المريضة المتخلفة، لأن التفاهم لغة العقلاء والمثقفين أما هؤلاء فكما يقال ( أيدهم والمسدس)!0 وهنا أقول للذين صدعوا رؤوسنا بطلبهم من رئيس الحكومة بضرورة جمع السلاح وحصره بيد الدولة!، أي سلاح تقصدون جمعه وحصره بيد الدولة؟ أهو سلاح الفصائل المسلحة، أم سلاح العشائر، أم السلاح الشخصي للأفراد؟ ، لا سيما وأن لم أكن مبالغا أذا قلت بأن 90% من العوائل العراقية تمتلك قطعة أو قطعتين من السلاح في البيت؟!، وليسمح لي كل من يطالب رئيس الحكومة بجمع السلاح ، أن أقول له، ( اطلب المستطاع تطاع)!، فلا الكاظمي ولا اللي قبله ولا اللي يأتي بعده قادر على جمع السلاح المنفلت!؟، لأن أنتشار السلاح بهذا الشكل المنفلت هو المطلوب والمراد أن يكون عليه المجتمع العراقي؟!، وهذا ما سعت عليه أمريكا منذ أحتلالها للعراق أن يعيش العرافيين حالة الفوضى واللانظام!، أليس الأمريكان هم من طرحوا سياسة (الفوضى الخلاقة)، للسيطرة على العراق وجعل شعبه يتقاتلون فيما بينهم؟!0وأعود للذين يطالبون بجمع السلاح بالقول 🙁 أنتوا تريدون الكاظمي يجمع السلاح من الجهات والفصائل المسلحة والعشائر والأفراد، وين يكدر؟، هسه خلي يخلص بريشه أول مرة يا ساعة يخشون علي بالمنطقة الخضراء ويكتلوا صح لو لا؟)0 ودعوني هنا أقول: أعان الله رئيس الحكومة الكاظمي وكل من يستلم رئاسة الحكومة على كيفية أدارة شؤون العراق الغارق بمشاكل وأزمات رهيبة وعصيبة لو أجتمع الأنس والجن على حلها لما أستطاعوا!!، فرئيس الحكومة مثله كمثل شخص يمسك قطعة قماش صغيرة وبسيطة يحاول أن (يركع زولية) كبيرة ممزقة ومتهرأة من كثرة الثقوب التي فيها!، فهل يستطيع ، وكيف سيكون ذلك؟، أليس حال العراق وصورته هي هكذا؟!0 فالسياسيين العراقيين على أختلاف مللهم ونحلهم وطوائفهم وقومياتهم وأنتمائاتهم السياسية والحزبية، يعرفون تماما أن موضوع جمع السلاح أمر صعب ومستحيل!، كما وعليهم أن لا ينسوا أو يتناسوا بأنهم جميعا شجعوا وشاركوا على أنتشار السلاح المنفلت بطريقة وأخرى!، فكم من مرة كانت تصدر قرارات داخل البرلمان ويتم التصويت عليها تؤكد على ضرورة أمتلاك كل بيت عراقي لقطعة سلاح أو أكثر بحجة!، الدفاع عن النفس أيام الحرب الطائفية، وسكتوا وأستمروا على ذلك حتى بعد أنتهاء الحرب الطائفية!0 وبقدر ما تتصاعد الصيحات والمطالبات بضرورة جمع السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة يوميا ، كلما قابلته زيادة بأنفلات السلاح وأمتلاكه، حتى صار بيد الصبية والمراهقين!0 أن مشكلة السلاح المنفلت ليست وليدة اليوم بل هي جزء من مشاكل كثيرة تراكمت من حكومة الى أخرى حتى وصلت الى هذا الوضع المرعب؟!0 وليسمح لي رئيس الحكومة الكاظمي والذي قبله والذي سيأتي بعده على رئاسة الحكومة أن أقول لهم، من المعيب أن تشتكوا من صعوبة المهمة وبأنكم لا تمتلكون عصا سحرية ( العبارة التي نسمعها منكم دائما)!، لحل مشاكل العراق،( من الذي أجبركم على قبول رئاسة الحكومة؟، وبترشيح انفسكم لهذه المهمة العسيرة، حتى أن القسم منكم أستقتل للحصول على هذا المنصب!؟)0وهنا لابد من الأشارة، ان كل اللذين تبوؤا منصب رئيس الحكومة ، هم جزء فاعل ومهم من صورة المشهد السياسي وهم أبناء العملية السياسية وخطها الأول، وهم يعرفون كل خفاياها وأسرارها!، ويعرفون كل خطوط الطول والعرض فيها والخطوط الصفراء والخضراء والحمراء! ، ولهذا يضع الكثيرون أكثر من علامة أستفهام على كل من تصدى لرئاسة الحكومة وفشل فيها لأنه يعرف كل شيء، ولم يكن مجبرا على ذلك!؟0 أن من شاركوا وأسسوا العملية السياسية في العراق على أساس المحاصصة الطائفية والسياسية والقومية لا ينتظر منهم أن يحلوا، لا مشكلة السلاح المنفلت، ولا باقي مشاكل العراق المزمنة لأنهم هم من خلق تلك المشاكل والأزمات وشارك في صنعها !؟0 فأمريكا دولة الشر التي أسست لكل هذا البلاء في المشهد العراقي ، كذبت وتكذب وستستمر بالكذب أن قالت وأدعت أنها تريد الخير للعراق ولشعبه ، فصورة أهدافها كانت واضحة منذ اللحظة الأولى لغزوها للعراق عندما سمحت لكل عمليات النهب والحرق والدمار والخراب لكل دوائر الدولة ومؤوسساتها، وقامت فقط بحماية وزارة النفط!! ، ولحد الآن وبعد مرور 18 سنة على رسالة الطمع ونهب الثروات هذه ، التي عبر عنها الأمريكان منذ بداية غزوهم للعراق، يؤكدون على ذلك بأنهم لا يهمهم من أمر العراق أي شيء، المهم هناك أكثر من 4 مليون برميل نفط تنتج وتصدر، وليحترق العراق وشعبه وليذهب الى الجحيم، ولينفلت فيه كل شيء سلاح وأخلاق!، مادامت مصالح أمريكا وأسرائيل وبريطانيا ومن معهم بألف خير!0