ننعى انفسنا، مذ ولدنا، نعانق الموت، كعناق الطفل لثدي أمه، ونتجرع سمه، يوما بعد يوم، ونتذوقه بشتى الأصناف والالوان والمشارب، حتى أصبحت الحياة، مستغربة، والشوارع مغبرة، والليالي معبرة، لا صوت يعلو صوت السلاح، ولا نغمة غير الصياح، ولا عزف سوى النياح.
بغداد ما اشتبكت عليكِ الاعصرُ إلا ذوت ووريق عمرك أخضرُ مرّت بك الدنيا وصبحك مشمسٌ ودجت عليك ووجه ليلك مقمرُ، ابيات شطرها اشتباك، وعجزها أمل، في وطن ضاع فيه دفة الربان، فلا سفينة ولا سفان، كدنا نغرق الف مرة ، لكن يد الإله تتدخل، وتنقذنا، في كل انحدار، أوشكنا السقوط، وما زال المتفيقهون، يلعبون بأرواح البشر، في سوق نخاسة الضمائر، دم للنزيف، شظية للشلل، “وصجمة” للعمى، وكاتم لطيف، بعطر العود، يهفوا بين الجموع، ويختار الأكثر متابعة، والاكثر مشاهدة، وللضجة أعلى.
هنا يتجلى، بين العقول، ذاك المسطول، يتهم اصحاب السلاح.. كل السلاح، بغطاء مفتوح، واتهام مغلف، والأرانب، جاهزة للتنطط، هكذا بدى واقعنا، يهتف فيه الشريف، ويدافع فيه النظيف ويستشهد فيه العفيف ويتهم فيه كل السلاح… من يرد النباح، إذا ضاق بك الرياح، واهتزت رؤوس اينعت، لم يمسها منجل الحصاد.
لا وطن بلا أمن، ولا أمن بلا حصر السلاح، ولا حصر للسلاح بلا تنظيف أجهزة الأمن من الارهابيين والعملاء والمخنثين.. لا حياة بلا حرية مقننة. ولا حرية بلا قوة تطبق القانون، ولا تطبيق للقانون بلا عدالة في التطبيق.