18 ديسمبر، 2024 7:46 م

سلاح الميليشيات لا تصنع القوة فالسلام هو الحل

سلاح الميليشيات لا تصنع القوة فالسلام هو الحل

بالأمس نفذت جماعة مسلحة مختلفة نوعا ما عن بقية الجسد السياسي المطروح في مضمار الفعل السياسي العراقي تطلق على نفسها “ربع الله” انتشاراً مسلحاً في عدد من مناطق بغداد بعد أن قام أحد عناصرها الملثمة بقراءة مجموعة نقاط تهديد ضد الحكومة الفدرالية و حكومة إقليم كوردستان، وهي نفس الجماعة التي قامت باقتحام مقر الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكوردستاني في (17 تشرين أول 2020) وأضرم النار فیه .
في الماضي شاركت هذه العناصر تحت مسميات أخری في ضرب الحراكات الشعبية العراقية الرافضة للوضع المأساوي في العراق، فهي متورطة في عمليات قنص المحتجين أو اغتيالهم أو خطف الناشطين المدنيين وتغييبهم.
هؤلاء وللأسف هم نتاج المشروع الإسلامي الذي يستمد منه الدور الإقليمي مشروعيته، رغم فشل برنامجه بعد تطبيقه في داخل الدولة التي صنعته أو في خارجها. هذا المشروع أعاد إنتاج التخلف والفساد والاستبداد و قام بتحويل المنطقة الی مصنع للإرهاب وذلك لخلق حالة من التمزق والاضطراب داخل المجتمعات الإسلامية و إشعال الفتن المذهبية والأهلية وتوليد المزيد من النزف والقتل والتشريد والدمار والفقر والفساد في كل من العراق و سوريا ولبنان واليمن.
إن الهدف الرئيسي لهذه الجماعة المسلحة هو تحويل العراق الی نظام ديني شمولي يهيمن علی مختلف مناحي الحياة المعاصرة بفقه العصور السالفة، بعد أن قامت باستجماع مساویء مشاريع الجماعات الإرهابية السابقة.
من الواضح أن القوة لا تصنعها اليوم فقط الأسلحة والجيوش والصواريخ والترسانة النووية، أو إرادة الهيمنة والغطرسة، بل يصنعها بالدرجة الأولى القادرون علی خلق ما تحتاج اليه مشاريع النهوض والإصلاح والتحديث والتنمية والسلم من اجتراح المعادلات والصيغ والأطر والشبكات والأسواق والأدوات، وأنه لامجال لبناء حياة أو صناعة مستقبل بأدوات قديمة من الدعوات والنماذج والتقاليد أو الأحكام المستهلكة أو البائدة أو المستحيلة وبممارسة الوصاية الدينية علی شؤون الشعوب الآمنة.
التجارب المريرة والأزمات المتلاحقة شهدت بأن القوة والهيمنة والاحتكار والصدام والغزو لم يعد يجلب أمنا أو يصنع سلاما أو يصون هوية.
إن دق إسفين العداء بين حکومة الإقلیم والحکومة الفدرالية بأجندات سياسية أو إنتخابية وتوظيف العناصر المتسببة لزعزعة التعايش السلمي بهدف التفکك والانحلال المجتمعي لايکتب له النجاح.
حکومة اقليم كوردستان تدعم السلم والأمان في العراق و تسعی جاهدا في سبيل ضمان الحفاظ على التعايش السلمي المجتمعي.
القيادة الكوردستانية الحکيمة المؤمنة بالشراکة الحقيقية تؤکد بإستمرار علی تعضيد أواصر الشراكة والعمل السياسي المشترك وتعزيز مرتكزات بناء دولة المواطنة ومنع تغليب ثقافة القوة و سياسة تکميم الأفواه، التي تجسدها الميليشيات الولائية المسلحة على الحوار، لکي لا تولد دولة موازية أو سلاح موازٍ و ميليشيات خارجة عن القانون.
علی حکومة السيد مصطفی الكاظمي العمل الجاد من أجل إيقاف تصاعد نفوذ هذه الجماعات المتشددة وبروز هذه الظاهرة المقيتة، التي تريد نشر الرعب والخوف والهلع بين صفوف العراقيين والتعدي على حرياتهم الشخصية، بحجة تطبيق الشريعة والقانون. أفعالها هذه تقود العراق بالتأكيد الی المزيد من الدمار والهلاك.
وختاما نقول، لاننسی بأن المشروع الاسلامي و ظاهرة سلاح اللادولة في العراق أدت في السابق الی صراعات طاحنة، منها حروب الجوامع والمراقد و تمزيق أجساد الأبرياء وتفجير مقرات مدنية، علیه أن نعرف بأن الطريق الوحيد للعيش بسلام هو فهم الآخر المختلف و اعتماد لغة الحوار والتسامح في ما يخص الهويات الثقافية والخصوصيات المجتمعية و الابتعاد عن الطائفية التي ستقود العراق الی المزيد من الدمار والعنف.
فالحلول يجب أن تجري بلغة المفاوضة والتسوية، من غير احتکار أو مصادرة ومن غير وکالة حصرية أو أحادية.