على وقع أنين المظلومين والمهضومين والضائعة حقوقهم . . من صدى نواح الأرامل والثكالى . .
بدأت القلاع الحصينة تتداعى ، ويظهر الزيف الكامن خلفها .
انكشف المستور وغير المروي من المسرحية الدموية التي تم وضع الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته بين فكيها لأجل تنفيذ مآرب وأطماع وغايات أو كما يقولون (( أجندات )) لمخططات خارجية ، منها ماهي بعيدة الأمد ومنها ماهي قريبة الأمد .
أما بعيدة الأمد : فتتمثل بتمزيق الدول المهمة في المنطقة بالكامل ((من ضمنها العراق )) ورسم حدود جديدة لها ، اجراء تعديل وتغيير في الحدود المرسومة بموجب اتفاقية سايكس – بيكو 1916 ، وبما يتلائم ويحافظ على مصالح وديمومة الدويلة المصطنعة التي تم انشائها تحت الوصاية الدولية (( اسرائيل )) وذلك بمحو دول قائمة وانشاء دويلات وتوابع ضعيفة ومسلوبة الأرادة على أسس مذهبية وطائفية وعرقية .
وأما قريبة الأمد : فتتمثل بالأستيلاء على مقدرات الشعب العراقي ومصادرة ارادته وطمس كيانه وتاريخه وارثه الأجتماعي والثقافي ، افقاره واغراقه بالديون ومصالح الأستثمارات الخارجية ، وتعميق التناحر والأحتراب الداخلي فيه . وهذا ماتوضح جليا طيلة 13 سنة من المسير نحو (( الديمقراطية والحرية للعراقيين )) ! ! .
ولاأريد أن أتطرق هنا الى الأساليب والمناهج والآليات التي تم اتباعها لأجل تحقيق الغايات (( المترابطة )) أعلاه ، والتي انكشفت جلية وواضحة أمام الشعب العراقي وأصبحت معلومة للقاصي والداني .
لقد وجد العراقيون أنفسهم في وسط بحيرة من الدم والدمار وسلسلة من الخراب والأنين وفقدان البصيرة . .
فأنتفضوا . .
صرخ فيهم الوجع والضيم والفقدان والخسارات المتتابعة . .
قضت مضاجعهم سلسلة التنكيل والحرق والأصطفاف بطوابير الموت اليومي المتواصل الذي صار يلاحقهم في كل مكان ، في البيت والشارع والسوق والدكان والسيارة ، في الصباح والمساء وكل وقت ، في الصيف والشتاء ، في الأعياد والأفراح والمناسبات ، في الأشهر الحرم وغير الحرم ، والذي لم يسلم منه شيخ مريض أو طفل أو أمرأة . .
فأحتشد الشباب العراقي الخارج من وسط هذا الغبار والدخان ومن خيمة الأنين والوجع فأسقط أسوار (( المنطقة الخضراء )) ، ليصل في المرة الأولى الى سدة (( السلطة التشريعية – مجلس النواب )) ويجلس على ظهر منابره التي كثيرا ماأطلقت له الوعود الكاذبة بخير قادم وكرامة تليق به قادمة . . وفي المرة الثانية اسقطها ليصل الى سدة (( السلطة التنفيذية – مجلس الوزراء )) الذي كثيرا ماوعده بخير وأمن وسلام كثير قادم ولم يظهر لوعوده هذه أي بصيص من الأمل وانها (( كلام في الهواء )) لايغني ولايصد .
وبقدر ماتؤشر هذه الأحداث الى حالة من القلق على (( المصير المجهول للعراق )) والحال الذي قد نصل اليه في ظل (( غياب الرؤية الواضحة والبرنامج الواضح والهدف المتفق عليه )) ، الا انها تؤشر بكل فخر الى حالة كبيرة من الوعي والنهوض والأرادة تشكلت لدى العراقيين هم بأمس الحاجة اليها برغم كل
تداعياتها .
ان وصول جموع الشباب الناهض الى هذه النقاط في لب قلعة السلطة الحصينة قد دلل بوضوح على بداية تحلل وتفسخ بيت العنكبوت الذي نسجوه حوله ، وقد تبين كم ان بيت العنكبوت هذا واهنا وضعيفا ، وكم ان هذا الضجيج والضوضاء السلطوي الذي تضج به أسماعنا عبر الميكروفونات والفضائيات والمكاتب الأعلامية للسلطات زائفا ولايمتلك المصداقية والشرعية التي تؤهله للوقوف وجها لوجه ومحاورة الشباب العراقي الذي هربت أمام وجهه كل أنواع السلطات .
هذا الشباب الثائر ، هو نفسه الذي توجه ليقتحم ويسقط (( قلعة )) الوجه الأشد ظلاما والوجه الأكثر دموية من وجوه المخطط المرسوم الذي ذكرناه . وجه فعال في قلعة (( العار العراقي )) الذي لحق بنا ، (( الفلوجة )) ، الخنجر المزروع بخاصرة العراق الذي سعت الكثير من الأجندات السياسية للمحافظة عليه الى أبعد وقت ممكن لأجل الغايات والمآرب التي ذكرناها فيما سبق . . هاهي الفلوجة في متناول اليد ، قاب قوسين أو أدنى من التنظيف والتطهير من الرجس والعار الذي لحق بها . .
ستكون الفلوجة خطوة مهمة جيدة تحسب للحكومة ، التي نتمنى عليها أن تعيد ترتيب حساباتها وتسعى نحو نصر عراقي شامل ، وأن تسعى بأتجاه خلق أجواء
لأنجازات وانتصارات عراقية يمتد مفعولها وأثرها وهدفها نحو العوائل والبيوت والناس والمآسي التي خرج منها هذا الشباب المحتشد غاضبا لأسقاط أية قلاع يعتقد انها من أسباب مأساته .
ونتمنى عليها أن تجعل من هذا النصر القادم قريبا بسواعد الشباب العراقي الغيور من جيش وشرطة وحشد شعبي وحشد عشائري (( بوابة )) تدخل منها لأعادة ترتيب الأوراق والأولويات ورسم برنامج حكومي صحيح ونافذ وفعال يحتوي كل هموم ومعاناة العراقيين التي طالت كثيرا ، ويحتوي أزمة العراق بتفاصيلها ، وطموحات أبناء العراق جميعا ، والوقوف معهم صفا واحدا لتجاوز أية أجندات باتت معروفة ، وأية غايات منسوجة بالدم العراقي الذي تم استباحته كثيرا .