استغرب الكثير من العراقيين مؤخرا التصريحات التي صدرت عن الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق ورئيس بعثة الامم المتحدة للمساعدة في العراق (اليونامي) نيكولاي ملادينوف والتي تعرض فيها بالنقد لقانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي يدرسه البرلمان معتبرا أن القانون يثير القلق على الهوية الوطنية العراقية. وقد كان اللافت أن ملادينوف الذي نصب نفسه مفتيا لنا نحن العراقيون في شؤون امورنا الدينية والمذهبية جديد على العراق بحيث انه لم يكمل السنة منذ ان تولى مهام منصبه في العراق وهو ما يزيد من وجه الغرابة في تنطعه لكي يتخذ هذا الموقف الغير المحايد في شأن عراقي داخلي صرف. وانحياز رئيس البعثة الاممية في العراق هذا يخالف ما يجب ان يكون عليه موقفه وموقف بعثته الذي يجب ان يكون محايدا وغير منحاز لاي طرف من الاطراف الداخلية وان يكون متفهما لقلق وهواجس جميع العراقيين وليس طائفة او فئة او جهة او حزب منهم.
أما العارفين باوضاع البعثة الاممية الداخلية وتركيبة جهاز موظفيها فانهم لم يستغربوا ولم يستهجنوا مثل هذه المواقف من ملادينوف. فلقد كتبنا في السابق عدة مقالات اوضحنا فيها وبالادلة والشواهد كيف ان البعثة الاممية وخصوصا مكتبها السياسي ومساعدي الممثل الخاص للامين العام في العراق تعشش فيها نزعات طائفية وبعثية ومعادية للشعب العراقي ومعروفة بولائها للنظام المباد حيث أن بعض هؤلاء الحاقدين الطائفيين كانوا من المستفيدين من ذلك النظام وقد استمرت علاقاتهم مع ايتامه وفلوله حتى بعد سقوط ذلك النظام المجرم واقتلاعه ورميه في مزبلة التاريخ.
كيف يمكن لشخص جديد على العراق ان يتخذ موقفا غير مسؤول في موضوع دقيق وحساس ومثير للحساسيات والمشاعر في صفوف قطاع واسع من العراقيين؟ الجواب هو ان ملادينوف مثل كل من سبقوه في منصبه في العراق يسترشدون في مواقفهم وتحركاتهم في العراق بما يقدمه لهم مستشاريهم السياسيون من نصائح وارشادات. ويزول العجب من تصريحات ملادينوف اذا ما عرفنا ان المكتب السياسي في البعثة الاممية يراسه الفلسطيني مروان علي كفارنة الذي درس في جامعة الموصل في منحة قدمها له نظام صدام المجرم والمعروف بطائفيته وبما ان المستشار الخاص لملادينوف هو ايضا فلسطيني طائفي آخر اسمه محمد خليل النجار وهو شخص له تاريخ مشبوه نتيجة علاقته بجهاز الامن الفلسطيني الذي كان يديره محمد دحلان صاحب العلاقة الحميمة باجهزة المخابرات الامريكية والاسرائيلية. واشخاص كهؤلاء لا يحملون في قلوبهم سوى الحقد الاموي المرواني على العراق والعراقيين وشيعة اهل البيت عليهم السلام. كيف يمكن لاحقاد بني مروان ان تعطي لملادينوف وغيره صورة واقعية عن العراق وشيعته وفقههم وتأريخهم ومعاناتهم ومظلوميتهم وهي قد شاركت في صنعها؟ وكيف يمكن لسفيان ومروان ان يتعاطف مع المضطهدين الذين ساروا على نهج علي والحسن والحسين واهل البيت عليهم السلام؟ ولماذا أخفى شيعة بني مروان في المكتب السياسي للبعثة عن ملادينوف أن القانون الجعفري ليس ملزما بل هو خيار يمكن ان يلجأ له اي عراقي اختياريا وطوعويا؟ وهل اخبر مستشاري ملادينوف المروانيون الممثل الخاص للامين العام بان القانون الجعفري كان معمولا به في الدولة العراقية طوال 40 عاما منذ تاسيس الدولة العراقية وحتى فترة حكم المرحوم عبد الكريم قاسم؟ لا نعتقد ذلك. فما نعرفه عن هذه العصابة الحاقدة انها ما كفت يوما عن تزويد المسؤولين الامميين والمنظمة الدولية سوى بمعلومات مغلوطة تهدف الى تشويه صورة النظام العراقي الجديد والنيل من شيعة العراق بتلويث السمعة وتلطيخ الصورة تماما كما ولغ اجدادهم الامويين في دماءهم. وكأن المروانيين الجدد يريدون بأساليبهم الدنيئة أن يكملوا عبر اغتيالهم لشيعة العراق معنويا ما بدأه أجدادهم من اغتيال للشيعة والتشيع جسديا.
ولذلك فاننا نستغرب كيف تسمح الحكومة العراقية والسيد رئيس الوزراء نوري المالكي لمثل هؤلاء بالبقاء في العراق لكي ينفثوا سمومهم واحقادهم الدفينة. لا نعتقد أن العراق الجديد فيه مكان لمثل هؤلاء. ونطالب السيد رئيس الوزراء الشاهد على معاناة آلاف الشهداء وعوائلهم من الذين قارعو النظام البعثي المستبد المجرم أن يطرد هؤلاء من العراق.
اذا ان موقف ملادينوف المشين هذا حيال الجدل الدائر حول قانون الاحوال الشخصية الجعفري هو سقطة مروانية اموية بعثية بامتياز وقانا الله ووقى العراق ووقى شيعة العراق شرها وشرور المروانيين الجدد.