يقول الشاعر طرفة بن العبد أحد شعراء المعلقات في العصر الجاهلي :إذا كنت في حاجةٍ مرسلاً ,فأرسل حكيماً ولا توصيِهِ ,لماذا نرسل رجل ُ حكيم لأمراً ما لأنه العارف ببواطن الامور وجزئياتها صاحب رؤية سديدة ؟يعرف متى يتحدث ؟ومتى يلتزم الصمت عن الحديث ؟ أنه لا يمثل نفسه فقط وإنما يمثل الجهة التي ترسله المعبر عن وجهات نظرها وقضيتها وتطلعاتها لديه مشروع بين اروقة فكره يمتلك الحنكة واللياقة وأنه جدير بحمل هذه الأمانة والقيام بهذا العبء ودحض الأباطيل عن أمته فلا يحتاج إلى شرح ما يجب عليه من الأعمال لعقله الوافر وكياسته وعلمه الغزير وسياسته الحكيمة,كان بإستطاعت الحسين (ع) أن يرسل أي شخص سواءً من أهل بيته أومن خواصه ومعه كتابه لأهل الكوفة ,لكنه أختار مسلم أبن عقيل وقال فيه { أرسلت لكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي} أن ثقته في الاختيار لم تأتي من فراغ وإنما من محك ومغاض عسير لنيل شرفها ووفق معايير وجدها الحسين به ,لقد كان مسلم سفيراً …ونعم السفير يهيئ القواعد الشعبية لاستقباله بعد أن كثرت كتبهم ورسلهم يستعجلونه القدوم (فقد أخضر الجناب وأينعت الثمار وأعشبت الأرض وأورقت الأشجار) لقد حاولوا مراراً وتكراراً أن يشتروه لم يستطيعوا لأن المبدأ لا يباع ولا يشترى والثوابت …ثوابت لا تجزأ, أن تمثيل نفسية الإنسان الكامل بأوضح مجاليها إنما هو ببث أفكاره الناضجة والإشادة بنواياه الحسنة وهي الغاية الفذة من إرسال الرسول سواءً في ذلك أن يكون القصد به نشر أخلاق تتهذب بها النفوس أو تعليم علوم ناجعة تتكهرب بها العقول أو إقامة عدل ترتاح بظله الأمم أو الدعوة إلى دين تعتنقه الأقوام أو توطيد سياسة تريدها الأمة فلا ندحة للمرسل إلا أن يبعث لأي من هذه الغايات الكريمة من هو المثل الأعلى فيها من بين لفيفه وحاشيته فيكون نبوغ الرسول مجلبة لرغبات الأمة الموصلة إلى مرضاة ذلك المصلح ووقوفه على غايته من الإرسال وحينئذ بجب أن يكون الرسول حكيماً بعمله بليغاً في منطقه، ليضع الأمور في نصابها ويكون قوله على وفق رأيه السديد ولا تفوته مقتضيات الأحوال فيكون أدعى لنشر الدعوة وأنمّ عن عبقرية المرسل.
معاني السفير: حسب المصادر اللغوية إن للسفير ستة معاني: (ألأول) أن السفير هو الرسول وهو واسطة التبليغ. )الثاني) أن السفير هو الوكيل والنائب في أمر خاص أو عام. (الثالث) أنه الكاتب المختص بوظيفة المخصص لشأن مهم. (الرابع) المصلح وهو الساعي في إخماد وثورة أو تسكين مشاغبات بين عشيرتين أو حكومتين أو شعب وحكومة. )الخامس) المفسر المتكفل ببيان ما أشكل من الأمور الغامضة وإيضاح المواد المبهمة من الأحكام الشرعية والحقوقية السياسية الكاشف عن مخبآتها وخفاياها كشفاً مقبولاً. )السادس) الشخص البارز بصورة ترفع التلبيس، والظاهر بصفة تزيل التشكيك كالصبح المسفر.
سفيرنا …هو صوت دماؤنا النازفة وآلامنا وجراحنا وأشلائنا المقطعة .
سفيرنا …هو صوت صراخ الاطفال اليتامى والأمهات الثكلى والنساء الارامل ولافتات شهداءُ وموتى .
سفيرنا …هو صوت نسيج مجتمعنا في عراق سفينته سنةً وشيعةً كردً وتركمانً ومسيحاً وصابئاً …وووو,وألوان طيف العراقيين جميعاً.
سفيرنا …هو صوت قضيتنا العادلة …قضية شعب يريد العيش بكرامة وأمان .
سفيرنا …هو عهدنا لعهداً يحمله معه من ساتر الموت لمن ترك عياله وأهله والتحق بمعسكر الحق والحقيقة مبرئاً ذمته امام الله وضميره .
سفيرنا … لسان حال ابنتي فاطمة الكبرى الباحثة عن فرحة تملئ شفاها لمستقبلٍ آمن ,وأمي المتعبة من ألم السنيني ,وأبي المرهق من سياط جلادً لا يعرف سوى الضرب على الجسد ,وجسد أبي شاهداً على وحشيته .
سفيرنا …فكرنا ورؤانا …ورسالةُ نوصلها للآخرين متحدثاً لهم عن حجم التحديات والمعانات التي نخوضها مع اعتى إرهاب العالم عن ممسوخين لا يعرفون أية لغة سوى الموت العبثي .
سفيرنا … لاحَ الصباحُ الیومَ لاحْ …هلْ ینتهی نزفُ الجِراحْ؟!
سفيرنا … عِطْرُ الضحایا مِنه فاحْ …. والغیمُ لا یخشى الریاحْ .